القصص الشعرية في الأدب العربي، واقع وخيال في شعر (تأبط شرا والحطيئة) ،،

لقد رويت لنا بطون الكتب قصصا شعرية نسجها الشعراء من بنات أفكارهم تتحدث عن قصص حدثت مع الشعراء كما يرويها هو على لسانه. ومن أبرز القصص الشعرية قصة الشاعر تأبط شرا مع الغول.
فالغول هو أحد المخلوقات الخيالية الخارقة التي كانت العرب تتحدث عنها. فمنهم من قال أنه من الجن. ما يهمنا في الأمر قصة تأبط شرا مع هذا المخلوق وكيف تعامل معه
أَلا مَن مُبلِغٌ فِتيانَ فَهمٍ
            بِما لاقَيتُ عِندَ رَحى بِطانِ
بِأَنّي قَد لَقيتُ الغولَ تَهوي
         بِسَهبٍ كَالصَحيفَةِ صَحصَحانِ
فَقُلتُ لَها كِلانا نِضوُ أَينٍ
              أَخو سَفَرٍ فَخَلّي لي مَكاني
فَشَدَّت شَدَّةً نَحوي فَأَهوى
                   لَها كَفّي بِمَصقولٍ يَماني
فَأَضرِبُها بِلا دَهَشٍ فَخَرَّت
                    صَريعاً لِليَدَينِ وَلِلجِرانِ
فَقالَت عُد فَقُلتُ لَها رُوَيداً
                  مَكانَكِ إِنَّني ثَبتُ الجَنانِ
فَلَم أَنفَكُّ مُتَّكِئً لَدَيها
                  لِأَنظُرَ مُصبِحاً ماذا أَتاني
إِذا عَينانِ في رَأسٍ قَبيحٍ
               كَرَأسِ الهِرِّ مَشقوقِ اللِسانِ
وَساقا مُخدَجٍ وَشَواةُ كَلبٍ
                  وَثَوبٌ مِن عَباءٍ أَو شَنانِ
وقد تكون القصة الشعرية تتناول حادثة ما بعينها جرت مع الشاعر وحولها لأبيات صورت ماجرى بشكل مفصل
كما فعل الحطيئة عندما تحدث عن القوم الذين نزل عندهم وأكرموه رغم مايعانونه من فاقة.
قال :وَطاوي ثَلاثٍ عاصِبِ البَطنِ مُرمِلٍ
ببيداءَ لَم يَعرِف بِها ساكِنٌ رَسما
أَخي جَفوَةٍ فيهِ مِنَ الإِنسِ وَحشَةٌ
يَرى البُؤسَ فيها مِن شَراسَتِهِ نُعمى
وَأَفرَدَ في شِعبٍ عَجُوزاً إِزاءها
ثَلاثَةُ أَشباحٍ تَخالُهُمُ بَهما
حفاة عراة ما اغتذوا خبز ملة
ولا عرفوا للبر مذ خلقوا طعما
رَأى شَبَحاً وَسطَ الظَلامِ فَراعَهُ
فَلَمّا بَدا ضَيفاً تَشمَّرَ وَاِهتَمّا
فقال هيا رباه ضيف ولا قرى
بحقك لا تحرمه تالليلة اللحما
وَقالَ اِبنُهُ لَمّا رَآهُ بِحَيرَةٍ
أياأَبَتِ اِذبَحني وَيَسِّر لَهُ طُعما
وَلا تَعتَذِر بِالعُدمِ عَلَّ الَّذي طَرا
يَظُنُّ لَنا مالاً فَيوسِعُنا ذَمّا
فَرَوّى قَليلاً ثُمَّ أَجحَمَ بُرهَةً
وَإِن هُوَ لَم يَذبَح فَتاهُ فَقَد هَمّا
فَبَينا هُما عَنَّت عَلى البُعدِ عانَةٌ
قَدِ اِنتَظَمَت مِن خَلفِ مِسحَلِها نَظما
عِطاشاً تُريدُ الماءَ فَاِنسابَ نَحوَها
عَلى أَنَّهُ مِنها إِلى دَمِها أَظما
فَأَمهَلَها حَتّى تَرَوَّت عِطاشُها
فَأَرسَلَ فيها مِن كِنانَتِهِ سَهما
فَخَرَّت نَحوصٌ ذاتُ جَحشٍ سَمينَةٌ
قَدِ اِكتَنَزَت لَحماً وَقَد طُبِّقَت شَحما
فَيا بِشرَهُ إِذ جَرَّها نَحوَ قَومِهِ
وَيا بِشرَهُم لَمّا رَأَوا كَلمَها يَدمى
فَباتَوا كِراماً قَد قَضوا حَقَّ ضَيفِهِم
فَلَم يَغرِموا غُرماً وَقَد غَنِموا غُنما
وَباتَ أَبوهُم مِن بَشاشَتِهِ أَباً
لِضَيفِهِمُ وَالأُمُّ مِن بِشرِها أُمّا

فقد صور الحطيئة أحداث القصة تصويرا دقيقا وكأننا نعيش كل أحداثها وتفاصيلها بأحاسيسها ومشاعرها

إعداد : مروان مجيد الشيخ عيسى
تحرير : ابراهيم حمو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.