الكاتب السوري
محمد علي
يعيش الشباب السوري أزمة حقيقية تضعه بين أمرين أما البقاء في سوريا و الانغماس مع احد الأطراف المتقاتله هناك ومواجهة الموت أو الإعتقال والفقر واما الهججرة وطلب اللجوء في إحدى دول الاتحاد الأوروبي ، ما أدى إلى أزمة لجوء ونزوح أدت بدورها إلى إنخفاض اعداد سكان سوريا بشكل عام واعداد الشباب بشكل خاص، اذ بعد ما يقرب من العشر سنوات من القتل والاعتقال والتهجير
، أظهرت الإحصائيات الجديدة انخفاضا في عدد سكان سوريا إلى اقل من ١٧ مليون نسمة بعدما كان يقدر عدد سكانها ب ٢٣ مليونا قبل بدء الثورة السورية عام ٢٠١١ ، ما يعني أن هنالك حوالي 6 ملايين قتل واعتقل وفقد ما يقارب 2 مليون بينما يعيش 4 ملايين بين دول الحوار والاتحاد الأوروبي ، لهذا يقرر الكثير من الشباب السوري الهجرة خاصة بعد اطباق النظام السوري لقبضته على كثير من الأراضي السورية مستكملا دوره الإجرامي بقتل واعتقال وتحنيد من بقي حيا للخدمة الأجبارية في جيش النظام .
هؤلاء قرروا الهجرة بعد حالة من اليأس انتابتهم وشعورهم بأن المعركة تسير في صالح النظام وحلفائه من الروس والإيرانيين بتواطؤ غير معلن من المجتمع الدولي الذي بدا عاجزًا أو متعاجزًا عن إيقاف المذابح المتنقلة على الأرض السورية على مدار ١٠ سنوات متواصلة ا نتج عنها مقتل واعتقال وفقدان وتهجير الملايين، أضافة للحملات العسكرية للنظام وروسيا والمليشات الطائفية المتحالفة معها على المناطق المحررة،
لاخضاع مابقي منها والقضاء تماما على الثورة السوريةوفرض نفسه كأمر واقع أمام المجتمع الدولي بعدها، تخوف هؤلاء من عمليات تطهير كبرى ستطالهم وعائلاتهم في حال سيطر النظام على ما بقي من أراضي خارج سيطرته، أضافة الى تردي الأوضاع والإقتصادية إذ بات متوسط دخل الفرد في سوريا لا يتعدى ال 50 دولار شهريا لا تكاد تكفيه ل 5 أيام، مقابل غلاء فاحش في الأسعار مع انقطاع للكهرباء وفقدان السلع الأساسية مثل الخبز والمشتقات البترولية ،
ما أدى الى طوابير من السوريين زادت السوريين زهدا في البقاء في سوريا. هذا بالنسبة للذين يعيشون في الداخل اما بالنسبة للذين يعيشون في دول الجوار فالحال لا يقل سوءً.
–فبالنسبة للوضع في لبنان.
فلا يخفى على أحد سوء وتردي الأوضاع بالنسبة للسوريين فالعنصرية تجلت بأقبح مظاهرها في لبنان خاصة بعد استلام الرئيس ميشال عون المعروف بعنصريته وكرهه للاجئين مقاليد الرئاسة اللبنانية ، ولم يتوقف الأمر على هذا النحو ،
بل أقدمت الحكومة اللبنانية على عمليات ترحيل قسري لبعض الشباب السوريين المطلوبين والمنشقين عن قوات النظام السوري وقامت بتسليمهم لمخابرات النظام عبر المعابر الحدودية بحجة عدم امتلاكهم لأوراق تمنحهم حق الإقامة القانونية في لبنان!
رغم أن مئات الآلاف من السوريين في لبنان لا يملكونها، ما جعل حالة من الرعب تدب في أوساط اللاجئين حيث قام الكثير منهم – بعد هذه الممارسات من قبل الحكومة وأجهزة الأمن اللبنانية – بمغادرة لبنان والتوجه إلى تركيا من ثم طلب اللجوء في إحدى الدول الأوربية رغم أن الكثير منهم كان يعيش في لبنان لعدة سنوات. أضافة لانهيار الاقتصاد اللبناني في الفترة الأخيرة ما زادت أوضاع السوريين هنالك بؤسا .
-بالنسبة للوضع في تركيا التي يتواجد فيها ما يقارب ثلاثة ملايين سوري،
فالوضع بات لا يقل سوءا عن لبنان، حيث أدت عدة أسباب على إقدام الكثير من السوريين على مغادرتها بطريقة غير شرعية، رغم أن أكثرهم كان يعيش لسنوات في تركيا و يجيد اللغة التركية وقد اندمج فعلا في المجتمع التركيا ومن هذه الأسباب:
1- الحملات العنصرية من قبل الأحزاب التركية
حيث تقوم – وللأسف – الأحزاب التركية المتنافسة باستخدام ورقة اللاجئين للمزايدة في ما بين بعضها البعض مما أدى إلى ازدياد الحملات العنصرية ضد السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الوعي الجمعي للأتراك، ونتج عن ذلك حالات تكسير وتخريب وحرق وضرب للسوريين وممتلكاتهم في بعض الولايات وخاصة إسطنبول.
2-قيام الحكومة التركية بعمليات ترحيل كبرى إلى الداخل السوري،
خاصة في العاصمة إسطنبول التي يعيش فيها اكثر من نصف مليون سوري بحجة عدم امتلاكهم كملك «بطاقة حماية مؤقته تمنحها تركيا للسوريين» رغم أن بلدية إسطنبول أوقفت منح تلك البطاقات منذ عامين!
3– اغلاق المحال والمطاعم السورية التي تحمل أسماء عربية ،
وتشديد الخناق على العمال السوريين وطلب تراخيص عمل منهم وفرض غرامات على أرباب العمل الأتراك الذين يوظفونهم بدون تلك التراخيص، رغم أنهم كانوا يعملون ولسنوات بدون تلك التراخيص وبعلم الحكومة التركية.
4- طلب السلطات التركية لإذن سفر لكل سوري يرغب بالسفر من ولاية إلى أخرى،
ويكون الإذن لعدة أيام فقط وفرض غرامات عليهم وعلى من يقلهم بدون تلك الأوراق.
5- سعي أنقرة لترحيل أكبر عدد من السوريين لإنشاء ما تسميها «المنطقة الأمنة»
وهي في الواقع لا تعدو كونها منطقة آمنة للأتراك أكثر منها للسوررين، حيث تكشف الخرائط أن هدف هذه المنطقة هو إنشاء شريط ديمغرافي من العرب السنة على طول الحدود التركية السورية لعزل أكراد سوريا عن أكراد تركيا.
- كل هذه الأسباب وأكثر تدفع السورين بقوة للخروج من الجحيم السوري خاصة مع بقاء النظام السوري كقوة أمر واقع مع فقدان الأمل بوجود أي عملية او تسويه سياسية قد تحدث أنفراجه في الملف السوري بسبب فقدان الثورة السورية للزخم الإعلامي والإنساني بسبب طول أمد الحرب.