الخنساء من رثاء الأخ إلى رثاء الأبناء

من هي الخنساء :هي تماضر بنت عمرو بن الحارث السلمية ولقبها الخنساء، وسبب تلقيبها بالخنساء لقصر أنفها وارتفاع أرنبتيه

عرفت الخنساء رضي الله عنها بحرية الرأي وقوة الشخصية، ونستدل على ذلك من خلال نشأتها في بيت عـز وجاه مع والدها وأخويها معاوية وصخر، والقصائد التي كانت تتفاخر بها بكرمهما وجودهما، وأيضا أثبتت قوة شخصيتها برفضها الزواج من دريد بن الصمة أحد فرسان بني جشم؛ لأنها آثرت الزواج من أحد بني قومها، فتزوجت من ابن عمها رواحة بن عبد العزيز السلمي، إلا أنها لم تدم طويلاً معه؛ لأنه كان يقامر ولا يكترث بماله، لكنها أنجبت منه ولدًا، ثم تزوجت بعده من ابن عمها مرداس بن أبي عامر السلمي، وأنجبت منه أربعة أولاد.
وكانت نقطة تحول الخنساء إلى الرثاء هو فجيعتها بأخيها صخر الذي كان يملك حبا عظيما في قلبها
وبرز شعر الخنساء في رثاء أخيها صخر. فقد قالت فيه :

قذى بعينك أم بالعين عوار *** أم ذرفت إذ خلت من أهلها الدار
كأن عيني لذكراه إذا خطرت *** فيض يسيل على الخدين مدرار
وإن صخـــرا لـــواليـا وسيـدنـا *** وإن صخـــرًا إذا نشتـــوا لنــار
وإن صخــرا لمقــدام إذا ركبوا *** وإن صخــرًا إذا جاعـــوا لعقـار
وإن صخــرا لتأتــم الهداة به *** كــأنــه عـلــم فــي رأســـه نـــــار
حمال ألويـة هبـــاط أوديـــة *** شهــاد أنـديـــة للجـيـــش جــــرار
فكان مقتله فاجعة عظيمة ومما فعلته حزنًا على أخويها “صخر ومعاوية” ما روي عن عمر أنه شاهدها تطوف حول البيت وهي محلوقة الرأس، تلطم خديها، وقد علقت نعل صخر في خمارها.
لكن عندما جاء الإسلام تحول هذا الحب الجارف إلى حب الله ورسوله فتحول الحزن إلى استبشار بثواب الله.
ويوم القادسية كان لها موقف عظيم فقد جمعت أولادها وقالت لهم موصية :
يا بني إنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله غيره إنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم. وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين. واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية يقول الله عزَّ وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]. فإذا أصبحتم غدًا إن شاء الله سالمين، فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين. وإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها واضطرمت لظى على سياقها وجللت نارًا على أوراقه، فتيمموا وطيسه، وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة”
لكن الغريب في الأمر يوم بلغها نبأ استشهادهم، فما نطق لسانها برثائهم وهم فلذات أكباده، ولا لطمت الخدود ولا شقت الجيوب، وإنما قالت برباطة جأش وعزيمة وثقة: “الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم، وإني أسأل الله أن يجمعني معهم في مستقر رحمته.
عمرت الخنساء وماتت في البادية زمن عثمان بن عفان سنة ٢٤ للهجرة

اعداد : مروان عبدالله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.