يمثل الحب الأول لدى الكثير من الناس التجربة الأولى للهوى العذري الذي تجرع مرارته الكثير وتعلمنا منه دروسا جمة لكن يبقى له غصة وجرح في أعماق أفئدتنا نتناساه لكن ذكراه تبقى ذلك الناقوس الذي يحييه من سبات السنين كلما مررنا بمكان له ذكرى عن تلك القصة التي طوتها أيام وسنين مضت.
تبدأ قصتي في إحدى سنين دراسة الاختصاص عندما دخل علينا المشرف في القاعة وقدم لنا زميلة جديدة قد قدمت من خارج البلد لتكمل دراستها معنا كانت جميلة مهذبة يظهر الوقار في كل تفاصيلها كانت تلفت نظر الجميع إليها لكنها بعيدة كل البعد عن مشاركة الشباب أو الاختلاط بهم لم يكن لها من بين الجميع سوى صديقة واحدة اسمها رقية ومن حسن حظي أن هذه الصديقة أعز زميلة لي . أدهشني جمالها وأحسست أنها ذلك الحلم الذي لطالما بحثت عنه حاولت كثيرا أن ألفت نظرها بنظرات الإعجاب دون أن أتكلم معها مرت أشهر على هذه الحالة كنت كلما رأيتها في الاستراحة امعن النظر فتكون العين بالعين لدرجة أشعر باستغرابها من نظري أحاول لفت انتباهها نحوي. شرحت لصديقتها رقية أنني معجب بتلك الفتاة وأنني اريد منها أن تعلمني بأخبارها أولا ً بأول بعد أن طلبت منها ألا تعلمها بشيء فكانت رقية تخبرني كلما جد جديد وقبل انتهاء العام الدراسي
كنت اتقصد أمازح زميلاتي الأخريات بحضورها أو أجلس معهن في الاستراحة دونها فاخبرتني رقية بأنها كثيرا ماتسأل عني وكثيرا ماكنت أنا حديثها اليومي حتى في أيام سفري لدرجة أنها طلبت من رقية مرة بعد غيابي لأسبوع أن تتصل بي وتسأل عن سبب الغياب وبعد عودتي وانا اجلس في الاستراحة أقبلت علي رقية وهي معها فرحن يسألن عن سبب غيابي تبادلنا أطراف الحديث طويلا لدرجة أننا نسينا ما علينا من محاضرات
اعترفت لها اني معجب بها وأنها حلمي الذي ابحث عنه أمضينا سنتين دراسيتين وكأننا من عشاق بني عذرة لكن في السنة الأخير تغير مجرى سفينة علاقتنا بتلاطم أمواج البحر الذي حولنا فاستطاعت أمها أن تغيرها لصالح ابن خالتها صاحب الشركة والأموال فكان قرارها الذي أنهى قصة حب دامت لثلاث سنوات تحولت حياتي بعدها إلى ضياع وشتات ظهر جليا في نتائجي الدراسية حيث كدت أن أخسر مستقبلي بخسارة حبي الأول لكن هذه الصدمة استطعت إجتازها ورجعت إلى دراستي مصمما أكثر على النجاح والتفوق لأثبت لها وللعالم أنني بتوفيق الله شاب طموح أحب الحياة وأكره الإنهزام فنجحت في دراستي وعملت وكونت أسرة سعيدة وكنت كلما مررت بمكان لنا فيه ذكرى أتنهد على أيام مضت حرمتني الأيام من حبي الأول الذي حطم جزءا من أحلام رسمتها على جدران شبابي مما ألهمني أن أدون في أوراق ذاكرتي قصة الحب الأول الذي كاد أن يحطم أحلامي على عتباته الصلبة
إعداد : مروان مجيد الشيخ عيسى