سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
مناطق الجزيرة السورية، والتي تعتبر مناطق زراعية بحتة، وخاصة في زراعة محاصيل القمح والشعير، وتعتبر أيضا سلة سوريا الغذائية، لم يعتقد مزارعو الجزيرة أن عام 2019 ستمطر بغزارة وأن الموسم سيكون في أفضل حالاته ووفيرا، بعد سنوات من الجفاف والاضطراب في توقيت هطول الأمطار، ولكن موسم ذاك العام، قد احترق نصفه تقريباً نتيجة للحرائق التي اندلعت بسبب ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق .
منذ ما يقرب من عامين تشهد سوريا جفافا شديدا نتيجة التغيرات المناخية وحجز تركيا لحصة سوريا من مياه نهر الفرات، الأمر الذي أثّر على القطاع الزراعي بأكمله، وأصبح في أسوأ مراحله، ووسط غياب الدعم الحكومي وارتفاع تكلفة المستلزمات الزراعية مثل البذور والأسمدة والمحروقات وغيرها، مما دفع نسبة كبيرة من المزارعين، وخاصة في الجزيرة السورية، بالتفكير والمجازفة في الزراعة مرة أخرى، وبالتالي سيؤثر ذلك على سلة الغذاء السورية، فضلا عن ركود الأسواق وانتشار البطالة وتدهور الوضع الاقتصادي في عموم سوريا وتحديدا الجزيرة، مما له انعكاسات سلبية على كافة مناحي الحياة.
وتراجعت مساحة الأراضي المزروعة بمحصول القمح، ريّا وبعلا في الحسكة، خلال موسم 2022 الجاري، بنحو 180 ألف هكتار مقارنة بالعام الفائت، فيما فاقت المساحة المزروعة بالمحاصيل العطرية والطبية بنحو 16 ألف هكتار عن العام الفائت.
فالمساحات المزروعة بمحصول القمح بلغت هذا العام 335 ألف هكتار من بينها 95 ألف هكتار مروي و240 ألف هكتار بعلي.
ومساحات العام الفائت وصلت إلى514 ألف هكتار من بينها125200هكتار مروي و389 ألف هكتار بعلي، أي أن هناك تراجع في المساحات المروية للقمح بنحو 180 ألف هكتار.
ويأتي ذلك في ظل تراجع للمخزون الاستراتيجي للقمح في المنطقة إلى نحو 200 ألف طن، بحسب ما أعلنت “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا أواخر العام 2021 الفائت، الأمر الذي دفعها لاتخاذ إجراءات للحفاظ عليه وقد انضمت الأسمدة إلى قائمة الغلاء، إذ ارتفعت التسعيرة بنحو 90 بالمئة، حيث تجاوز سعر طن سماد اليوريا، وفق التسعيرة الجديدة 2.4 مليون ليرة سورية، بعد أن كان بحدود 1.3 مليون ليرة، وتأتي هذه الزيادات في الأسعار نتيجة لقرارات النظام غير المدروسة، حيث تم رفع سعر البنزين المدعوم بنسبة 130 بالمئة قبل فترة ليست ببعيدة، بالإضافة إلى تهاوي الليرة السورية أمام القطع الأجنبي، خلال الأيام الماضية.
إن معظم التبريرات حول رفع أسعار الأسمدة بهذا الشكل المهول سببها ارتفاع قيم تأمين وشراء هذه المادة مؤخرا.
و في حال مقارنة هذا السعر الجديد لطن سماد اليوريا 2.4 مليون ليرة، مع مبيعه في عام 2011 يكون مبيع الطن من اليوريا تضاعف أكثر من 600 ضعف، حيث كان مبيع طن اليوريا مع بداية عام 2011 نحو 4 آلاف ليرة.
ويتزامن قرار رفع سعر الأسمدة مع نقص حاد في توافر المادة، الأمر الذي خلق ظاهرة متاجرة وسوقا سوداء اختلط فيها الحابل بالنابل، ولم يعد معظم المزارعين يفهمون ما يحدث أو كيفية تأمين التمويل لشراء احتياجاتهم من الأسمدة، وكل ذلك بالتوازي مع ظاهرة الأسمدة غير الفعالة (المغشوشة)، والتي لا تعترف وزارة الزراعة بوجودها، أو ربما تتغافل عنها.
في وقت سابق أضاف مزارعون أن أجرة ساعة الفلاحة على العزاقة وصلت إلى نحو 20 ألف ليرة سورية، وأجرة ساعة الفلاحة على الجرار الزراعي إلى 50 ألف ليرة، وأجرة ساعة التقليم إلى 4000 ليرة.
وكل ذلك أصبح يثقل كاهل العامل في الزراعة فمن أين له الربح.