لطالما تحن النفوس لتلك البيوت التي عشنا فيها مرابع الطفولة والشباب وأثرت في النفوس أعظم الأثر فالبيوت السورية عامة والدمشقية خاصة لها نكهة وعبق يختلف عن غيره فتمثل العمارة الدمشقية الشامية نمطاً معمارياً فريداً حول العالم حيث تجتمع فيها العديد من الخصائص المعمارية الفريدة والبديعة التي تلبي رغبات جمالية وبيئية واجتماعية في آن معاً كما أن نمط البيت الدمشقي بشكله المعروف يعد من أنماط العمارة الإسلامية في عهدها الذهبي
وتحافظ البيوت الشامية الأصيلة على تصميم متقارب جداً مهما بلغ حجمها سواء كانت بيوتاً عادية صغيرة أم قصوراً حيث تتحكم العوامل ذاتها بالتصميم الداخلي للمنزل مع اختلافات بسيطة تتحكم بها المساحات واختلافات كبيرة من حيث مظاهر الزينة والترف كالنقوش والرسوم التي تزين البيوت الدمشقية الكبيرة المعروفة بالقصور الشامية وعموماً يكون تصميم البيوت الشامية متقارباً بشكل كبير ويتألف من أقسام رئيسية:
مدخل البيت الشامي
يكون ضيقاً ومتواضعاً في أغلب الأحيان كما يكون أكثر اتساعاً في القصور ويكون المدخل مطلاً على جدارٍ في آخره ومنكسراً بزاوية قائمة بحيث لا يكشف شيئاً من البيت
صحن الدار أو الفسحة السماوية
بعد أن ينكسر المدخل بزاوية قائمة يطل على صحن الدار الذي يكون حديقة منزلية صغيرة تتوسطها بحيرة ونافورة ماء وهناك أنواع مشهورة من الأشجار تميز حديقة البيت الدمشقي أبرزها الكباد والليمون والنارنج إضافة إلى أنواع الورود المختلفة مثل الورد الجوري الشامي والياسمين الشامي
الإيوان
يكون الإيوان في جنوب الفسحة السماوية وهو المكان الصيفي المثالي لسكان البيت الدمشقي كما يكون شكله مربعاً أو مستطيلاً وبارتفاع طبقتين دون أن يعلوه شيء فيما يكون عند بدايته على مستو الأرض ثم يرتفع عن الأرض بمقدار درجة واحدة أو أكثر فهو على شكل صندوق مفتوح مفروش من ثلاثة أطراف تطل عليه غرفتين من الشرق والغرب ومقابل الإيوان تكون قاعة الاستقبال الرئيسية المرتفعة إضافة إلى الإيوان الشتوي
الطابق الثاني من البيت الدمشقي
عادة يتكون الطابق الثاني من مجموعة من الغرف تشغل ثلاثة اتجاهات من المنزل ما عدا الجهة الجنوبية التي يشغلها الإيوان وفي بعض البيوت الدمشقية كانت غرفة الاستقبال المقابلة للإيوان مبنية على طرازه من حيث ارتفاع السقف لطبقتين ما يجعل غرف الطبقة الثانية تشغل الجهتين الغربية والشرقية ويكون لكل جهة سلم مستقل
مواد بناء البيت الدمشقي
وجود للإسمنت أو الحديد في بناء البيت الشامي الأصيل بل يعتمد البناء على الحجر إما لكامل جدران الطبقة الأولى أو المداميك الأولى على الأقل التي تشكل الأساسات المتينة للبناء كله كما يعتمد البيت الشامي على الطوب الطيني في بناء الجدران وعلى الخشب في تدعيم الجدران وبناء السقوف ولهذه المواد قيمة كبيرة من حيث مزاياها البيئية والمناخية سنذكرها لاحقاً
يتكون البيت الشامي عادة من ثلاثة أجنحة رئيسية مقسمة حسب الاستخدام وهي الحرملك والسلاملك والخدملك حيث تستوي هذه الأقسام في الطبقة الأرضية في القصور الشامية مثل قصر العظم بينما تتوزع على عدة طبقات في البيوت الدمشقية العادية وهي في القصور كالآتي:
جناح السلاملك
هو جناح استقبال الضيوف الذي يكون الأقرب إلى مدخل البيت الرئيسي وأهم أقسامه الإيوان وقاعة الاستقبال حيث تطل غرف السلاملك على فسحة سماوية تتوسطها بحرة ونافورة
جناح الحرملك
تصل إليه من جناح الاستقبال بمسار متعرج للحفاظ على خصوصيته حيث لا يتمكن من يمر من جناح الاستقبال أن يكشف جناح الحرملك وهو الجناح المخصص للعائلة يتوسطه أيضاً صحن وبحرة ونافورة إضافة إلى الأشجار الشامية علماً أن بعض البيوت استغنت في تصميمها عن قسم الحرملك واستعانت بالطبقة العلوية لتكون مخصصة للعائلة
جناح الخدملك
هذا القسم مخصص للخدم والعاملين في القصر الشامي وتكون مداخله جانبية ومخفية كما يوجد مداخل للاسطبل وبيت المونة حيث يتألف الخدملك من بحرة صغيرة في صحن الدار الصغير تناسباً مع فناءات الأجنحة الأخرى تحيط به غرف المعيشة والخدمة
أجنحة البيت الدمشقي
في البيوت العادية تتوزع الأقسام المذكورة على طبقتين أو ثلاث حيث تضم الطبقة الأرضية قسم الاستقبال فيما يتم تخصيص الطابق الأول للمعيشة كما يتم استغلال القبو في التموين وحفظ الماء ويكون له درج حجري من الطبقة الأرضية ونوافذ بمستوى الأرض
نلاحظ أن أجنحة البيوت الدمشقية خاصة الكبيرة منها تمثل ثلاثة بيوت مستقلة لكل منها مساره الخاص وبحيرته وفناؤه الخاص.
إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى