البائع المتجول (الحواج ) الرجل الذي كنا ننتظر قدومه في الأرياف بفارغ الصبر 

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

من منا لا يتذكر ذلك البائع المتجول الذي كان يمر بكل القرى  والذي كان يبيع السكاكر والمنظفات ولوازم البيت البسيطة وكان يبيع بالنقود او بالبدل قمح شعير بيض أحذية بلاستيكية وما شابه ذلك وكنا ننتظره بفارغ  الصبر لنشتري منه أصابع المصاص وعلك البطم والدروبس.

فقد كنا نلاحقه في أزقة القرية

كان بشوش الوجه له ضحكة مميزة.

وكان يستعمل ميزانه المكون من زنبيلين وحبل وعصى.

ويضع ما تعطيه النساء بزنبيل ومايبيعه بالزنبيل الثاني.

ولحدة فطنته كان يحفظ أسماء أهل القرية كلهم. وكان أكثر شيء تشتريه النساء  دوا الغسيل والحنة وعلك البطم .

وكان لا يسجل الدين على أحد وكأنه يمتلك كمبيوتر برأسه يلبس تللك الكلابية الرصاصية أو البنية ويضع حزاما وماهو إلا عبارة عن شماغ قديم أما حصانه فقد كانت تزينه أجراس تنذر بقدومه وعند توقفه في أماكن معروفة.

عند الجميع يضع تلك العليجة على فم الحصان لكي يأكل ويطلب من إحدى النسوة إحضار سطل ماء لكي يشرب الحصان الذي أنهكه التعب والعطش.

أما البيت الذي يتوقف عنده يحضر أهله أبريق الشاي لكي يشرب هو وزبائنه .

ومن الأشياء التي يبيعها الأعشاب الطبية التي تتجول بين الأحياء وتدخل كل بيت وتسمى حواجة والتسمية مأخوذة من الحوائج التي يحتاجها الناس في حياتهم اليومية، فهناك ويبيع الكحل والعطور، وأيضا بائع الأقمشة، ويضاف إلى الحواج لقب آخر خاص به وهو الدوار، أي الذي يدور متجولا وهو ينادي قائلاً : حواج علك سلك هباري حنة ، وفي الماضي كان الباعة المتجولون قلة وبضاعتهم متنوعة، وكل ينادي على بضاعته التي عادة ما يكون لها وقت وموسم معين، وتختلط المناداة طوال اليوم، إما ماشياً وهو يحمل ما لديه على رأسه أو ممتطياً دابته ومنهم من باع الكاز، فقد كان الكاز من الضروريات، ويوازي الاعتماد عليه اعتمادنا الآن على الكهرباء، فمنه يشعل الطباخ ( ببور الكاز )، أو السراج وهي الشعلة الصغيرة التي يستنير الناس بها، وكذلك نار الطبخ لا تشتعل من دونه، فلا تقوم الشولة إلا به، والشولة هي الموقد النحاسي. و ينادي بصوت مميز يتردد صداها في كل ركن من أركان القرية، اعتاد الناس على سماعها . وهؤلاء الباعة المتجولون أو الحواج كانوا يعدون مكملين لسكان القرية، وهم معروفون لديهم من أشكالهم، حتى أصواتهم تصبح مألوفة.

ومتى ما حل الظلام يكون مبيت الحواج عند مختار القرية أو في مضافة أحد البيوت الكبيرة في القرية لأن التعليلة أو السهرة ستكون طويلة على ضوء القنديل أو اللوكس ،يستمتع الجميع بالحكايا والقصص التي مرت مع الحواج في عمله ،فإذا كان الحواج مفوها فهو يحفظ من القصص والشعر الكثير لتمتع جلسائه في تلك الليلة ،ومن ساعات الصباح الأولى يكمل الحواج مسيرته إلى القرى الأخرى التي يكون كبارها وصغارها ينتظرونه بفارغ الصبر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.