شرق أوسط – مروان مجيد الشيخ عيسى
يوم الأربعاء الماضي، قال أردوغان :إن المفاوضات مع النظام السوري تجري عبر جهاز الاستخبارات التركية، مشيرًا إلى أنه وفق نتائج جهاز الاستخبارات ستحدد خارطة الطريق.
فأردوغان قال في لقاء تلفزيوني الأربعاء: “استخباراتنا تجري مفاوضات هناك في دمشق، ونحن نحدد خارطة طريقنا بناء على نتائج جهاز الاستخبارات.
وأوضح أردوغان أن هدف تركيا في الشمال السوري هو تأمين عدد أكبر من المناطق، لزيادة عدد البيوت التي سينتقل إليها اللاجئون السوريون في تركيا، وأشار إلى أن الهدف في المرحلة الأولى تأمين 100 ألف مسكن، ثم زيادتهم إلى 250 ألفا في المرحلة الثانية.
وشدد أردوغان على ضرورة الاستعداد للعودة الطوعية والآمنة والمشرفة للسوريين إلى بلادهم، قائلا :لا يمكننا أن نقول سنرحلهم إلى سوريا كما قال حزب الشعب الجمهوري أو غيره بمجرد وصولهم إلى السلطة، ليس هذا هو الحال سواء في حضارتنا أو في ثقافتنا.
فالعديد من التكهنات ظهرت حول اللقاءات الاستخباراتية بين الطرفين، حيث يذهب البعض إلى أنها تمهيد لاستعادة العلاقات الدبلوماسية، فيما يرى آخرون أنها لا تعدو مفاوضات أمنية تتعلق بعض المسائل، وعلى رأسها عودة اللاجئين السوريين، واستمرار السيطرة التركية على مناطق في شمال سوريا، ومحاربة ما يسميه الطرفان الإرهاب كلٌ من وجهة نظره.
يرى محللون أن جل تركيز أنقرة ينصب في الوقت الحالي على الحصول على ضمانات من النظام ، من أجل تهيئة الأوضاع الملائمة لعودة اللاجئين السوريين، وهو ما تسعى إليه من خلال اللقاءات الاستخباراتية.
فتركيا حتى الآن غير مهتمة بقدر كبير بالوصول إلى لقاء دبلوماسي مع النظام ، ولكن هذا اللقاء من الممكن أن يكون أحد مطالب النظام السوري لتأمين المتطلبات التركية.
أردوغان، وفي اللقاء التلفزيوني، بين أن مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تكون أحادية الجانب، لذا يجب أن يكون لدى الطرف الآخر أيضا نهج إيجابي تجاه ذلك حتى نتمكن من الحصول على نتائج جيدة، في إشارة منه إلى النظام السوري كشريك محتمل في ما يعتبره مكافحة للإرهاب.
فهناك مرحلة جديدة في العلاقة بين أنقرة ودمشق، ومن الممكن أن تتوج بلقاءات دبلوماسية على مستوى وزراء الخارجية، وذلك في حال نجحت المباحثات الأمنية في تأمين مطالب أنقرة المتمثلة بأمرين رئيسيين، الأول تأمين بيئة آمن لعودة اللاجئين السوريين، والثاني تعاون النظام مع أنقرة في تقليص نفوذ قسد في شمال شرق سوريا، بحسب الرؤية التركية.
ومن غير المعلوم حتى الآن إلى أين وصلت المباحثات الاستخباراتية، وهل من الممكن أن ينجح الطرفان في التوصل إلى صيغة تفاهم بينهما.
فمساع روسية تسارعت في الآونة الأخيرة، وعقب اللقاء الأمني الأخير الذي جمع رئيسي جهاز المخابرات التركي هاكان فيدان، ونائب بشار الأسد للشؤون الأمنية علي مملوك، اقترحت روسيا يوم أمس الإثنين، تنظيم لقاء بين وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو، والنظام السوري فيصل المقداد، معتبرة أنه سيكون مفيدا في الوقت الحالي.
وأوضح نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، أن بلاده على استعداد للمساعدة في عقد هذا الاجتماع إذا لزم الأمر، مبينا أن الاجتماع سيكون مفيدا حيث سيؤسس لاتصالات سياسية بين الطرفين إضافة للاتصالات العسكرية والأمنية.
ودعا بوغدانوف، منتصف الشهر الحالي، إلى تطبيع العلاقات بين أنقرة والنظام ، وذلك على خلفية التغير الذي طرأ على العلاقة بين الطرفين عقب قمة سوتشي الأخيرة، وأيضا خلال الاجتماع الأخير الذي جمع فيدان بعلي مملوك، حيث أجرى الطرفان تقييما لإمكانية وكيفية أن يلتقي وزراء خارجية البلدين.
ولا يتوقع محللون أن يكون هناك لقاء بين وزيري الخارجية التركي والروسي في القريب العاجل، مبينا أنه قبل مضي شهرين لا يوجد لقاء كهذا، لأنه حتى الآن لم يحصل توافق أمني بين الطرفين.
الأتراك حاليا في حالة تنسيق كبيرة مع الروس، وظهر هذا الأمر جليا في عدم تدخل روسيا في الأزمة الأذرية الأمنية الأخيرة على الرغم من الدعم الروسي الداعم لأرمينيا والدعم التركي لأذربيجان، ولذلك تحاول روسيا استثمار هذا الأمر بالضغط على تركيا من أجل الانفتاح على النظام السوري ، وهدفها الرئيسي هو إحداث اختراق في الملف السوري وتغيير الوضع في سوريا، مما يخف عنها الضغط الذي تعانيه في أوكرانيا.
فروسيا تعتقد أنها من خلال النجاح بإجراء تقارب تركي سوري، قد تجعل الأوروبيين والأميركيين يرضخون للتدخل لحل الأزمة السورية، لكن يبدو أن الأميركيين غير مهتمين بالأمر ولديهم فيتو على التقارب التركي الروسي، فتركيا لها حدود معينة لا تستطيع تجاوزها سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.