أسباب انهيار الليرة التركية

بقلم الكاتب السوري

محمد علي

BAZ_NEWS

تعاني الليرة التركية من إنخفاض مضطرد لقيمتها منذ عام ٢٠١٦ رغم كل محاولات الحكومة والمصرف المركزي التركي إيقاف هذا التدهور، إلا أنها لازالت في إنخفاض مستمر إذ وصل سعر صرف الليرة التركية حتي تاريخ اليوم إلى ٨.٧٢ ليرة تركية لكل 1 دولار بعد أن كانت تععادل ٢.٧٦ ليرة لكل 1 دولار في عام ٢٠١٦، ولفهم سبب انخفاض الليرة والأخطر من ذلك عدم ثابتها عند مستوى معين لابد، من معرفة الاسباب الكامنة وراء هذا الانخفاض،

في الحقيقة أن أسباب هذا الانخفاض مجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية مجتمعة ومن أهمها :

١– محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016‪

تعتبر ليلة الانقلاب الفاشل في تركيا، منتصف يوليو/ تموز ٢٠١٦ ، وما تلاها من هروب للاستثمارات الأجنبية من تركيا تاريخاً جديداً لليرة، وقتها تراجع سعر صرفها إلى 2.94 ليرة، لتفقد نحو ٤% من قيمتها، قبل أن تتحسن بأول يوم عمل بعد يومي عطلة عقب الانقلاب، بنحو ٣%، إلا أن حاجز ٣ ليرات للدولار لم يكن بعيداً، على رغم ما اعتبره مراقبون وقتذاك “حاجزاً نفسياً” إن تعدته الليرة فستستمر بالتراجع، وهو ما حصل فعلا واستمرت الليرة بالتراجع.

٢ – الحرب الإقتصادية غير المعلنة ضد تركيا.

تعاني الليرة التركية من تراجع كبير، نتيجة المضاربة عليها، بهدف استنزاف البنك المركزي. عادة مايقود رجل الاعمال اليهودي “سوروس” عمليات المضاربة على العملات المحلية، فقد استطاع إفلاس عدة بنوك مركزية حول العالم من خلال “صندوق كوانتوم الاستثماري” (سوروس وروجرز)، حيث قام بالمضاربة على العملات المحلية في تايلند وماليزيا وبريطانيا، فمن استثمر لديه عام 1969 بمبلغ 1000 دولار، فقيمتها أصبحت عام 2000 مايقارب 4 مليون دولار. ويعتبر “سوروس” العدو الاقتصادي الأول لأردوغان والليرة التركية. ، فيما أكد إيدي كوهين – وهو صحفي إسرائيلي- أن أسعار صرف الليرة التركية هبطت بفعل أثرياء اليهود الداعمين لإسرائيل والمتحكمين – حسب زعمه- بأسعار صرف العملات حول العالم، انتقامًا من أنقرة، بعد طردها السفير الإسرائيلي عام ٢٠١٨ وإهانته عبر تفتيشه قبل مغادرته تركيا.
إضافة الى القرارات المسيّسة لوكالات التصنيف العالمية مثل وكالة ستاندارد آند بورز، وتخفيضها التصنيف الائتماني لتركيا من درجة BB/B الى BB-/B، واعتبارها من ضمن الفئة “غير المرغوب بها Junk” أو بلغة أخرى الفئة “المغضوب عليها”.

٣ – تدخل السياسيين في الشأن الاقتصادي

حيث حصلت خلافات بين الرئيس رجب طيب أردوغان، وقيادات المصرف المركزي، إذ يرى أردوغان ضرورة خفض سعر الفائدة من أجل إنعاش الاقتصاد، في حين يلجأ قيادات المصرف المركزي إلى رفع سعر الفائدة للحد من نزيف الليرة. مما أدى إلى انتكاسات لسعر صرف الليرة في الأسواق التركية وإحدى تلك الانتكاسات علي سبيل المثال لا الحصر إقالة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيس البنك المركزي ناجي أغبال بشكل مفاجئ في ساعة متأخرة من الليل ، ما أدى إلى حدوث هزة في الأوساط الاقتصادية داخل وخارج تركيا. فيما علق آنذاك وزير الاقتصاد التركي السابق، زعيم حزب الديمقراطية والتقدم (ديفا) “علي باباجان “، على إقالة أردوغان لمحافظ البنك المركزي بعد مواصلة تراجع الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، قائلا: “لا يمكن الهروب من المسؤولية بإقالة محافظ المركزي، وإلقاء اللوم على البيروقراطية، هذه الأمة ليست ساذجة، لقد غيروا المحافظ السابق لأنه لم يكن يستمع لتعليماتهم، وجلبوا محافظًا جديدًا للبنك المركزي ليفعل ما يقولونه، ماذا حدث؟ سعر صرف العملة يزداد سوءًا، والبطالة آخذة في الارتفاع “.

٤ – السياسية الخارجية والأزمات السياسية

لاشك أن الأزمات السياسية والسياسة الخارجية لحكومة الرئيس أردوغان من أهم الأسباب لتراجع الليرة، مثل ازمة شرقي المتوسط مع اليونان وتهديد الإتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على تركيا، ودخول تركيا العسكري الي الأراضي السورية والعقوبات الامريكية بسبب شراء تركيا لمنظومة ال s – ٤٠٠ وغيرها من الأزمات ، تساهم بشكل كبير في إنخفاض قيمة الليرة التركية.

كانت هذه أهم الأسباب لانخفاض الليرة التركية التي لا يبدو أن لها حل جذري في القريب العاجل رغم محاولات الحكومة الحثيثة للسيطرة على هذا التدهور المستمر منذ عام ٢٠١٦.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.