ابو نواس هو:
الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن صباح الحكميّ أبو نواس شاعر العراق في زمنه ولد في الأهواز ونشأ بالبصرة ورحل إلى بغداد فاتصل فيها بالخلفاء من بني العباس فمدح بعضهم وخرج إلى دمشق ومنها إلى مصر وهناك مدح أميرها الخصيب وعاد إلى بغداد فأقام إلى أن توفي فيها كان جده مولى للجراح بن عبد الله الحكمي أمير خراسان فنسب إليه انتقل إلى الأهواز فتزوج امرأة من أهلها اسمها جلبان فولدت له ولدين أحدهما أبو نواس قال الجاحظ: ما رأيت رجلا أعلم باللغة ولا أفصح لهجة من أبي نواس.
وأبو نواس شاعر الخمر وشعره زاخرٌ بالكثير من جوانب حياته وتعكس أفكاره
شعره في الخمر :
ألا فاسقِني خمراً وقل لي هيَ الخمرُ
ولا تسقني سرّاً إذا أمكن الجهرُ فما العيْشُ إلاّ سكرَة ٌ بعد سكرة ٍ
فإن طال هذا عندَهُ قَـصُــرَ الـدهــرُ ماالغَبْنُ إلاّ أن تـرَانيَ صـاحِـيا و ما الغُنْـمُ إلا أن يُتَـعْـتعني الســكْرُ فَبُحْ باسْمِ من تهوى ودعني من الكنى
فلا خيرَ في اللذّاتِ من دونها سِتْر
حياته بعد أن اكتفى أبو نواس من الكوفة رحل إلى البصرة ليتعرّف على خلف الأحمر الذي طلب منه أن يحفظ العدد الكثير من القصائد والأراجيز وبعد أن مارس الحفظ والنسيان لفترة أصبح قادراً على نظم الشعر فارتحل إلى بغداد فاتصل بالخليفة هارون الرشيد فمدحه مُركّزاً على وصف إنجازاته ثم انتقل بمدحه إلى البرامكة فأغضب هارون الرشيد فخاف أو نواس على نفسه وهرب إلى مصر ليمدح واليها الخصيب بن عبد الحميد العجمي. وعاد أبو نواس بعد ذلك إلى بغداد بعد وفاة هارون الرشيد فتولّى الأمين الخلافة وكان بدوره صديقاً قديماً لأبي نواس فاتّصل به أبو نواس فور عودته إلى بغداد ومدحه إلا أنّ خصوم الأمين كانوا يأخذون عليه مرافقة شاعرٍ سيّء نديماً له ويُشهّرون بهذا الأمر على المنابر فأُجبر الأمين إلى حبس أبي نواس ثم حاول وزير الأمين أن يشفع له ليخرج من السجن إلا أن ذلك حصل بعد محاولات عديدة وعندما توفّي الأمين رثاه الشاعر بقصائد بيّنت صدق عاطفته
يقول في رثاء الأمين :
طوى الموت مابينى وبين محمد
وليس لما تطوى المنية ناشر
فلا وصل الا عبرة تستديمها
احاديث نفس مالها الدهر ذاكر
عُرفت حياة أبو نواس باللهو والمجون هذا الأمر ظهر جليّاً في شعره الذي خصص فيه جزءاً كبيراً لغزله الدائم بجارية كانت تسمى جنان كان قد هام بها ونظم عنها الكثير من الأشعار
ومن غزله بجنان يقول :
وَقائِلَةٍ لي كَيفَ كُنتَ تُريدُ
فَقُلتُ لَها أَن لا يَكونَ حَسودُ
لَقَد عاجَلَت قَلبي جِنانُ بِهَجرِها
وَقَد كانَ يَكفيني بِذاكَ وَعيدُ
لَعَلَّ جِناناً سائَها أَن أُحِبُّها
فَقُل لِجِنانٍ ثابِتٌ وَيَزيدُ
فَسُخطَكَ في هَذا عَلى النَفسِ هَيِنٌ
وَلَكِنَّهُ فيما سِواهُ شَديدُ
رَأَيتُ دُنوَّ الدارِ لَيسَ بِنافِعٍ
إِذا كانَ ما بَينَ القُلوبِ بَعيدُ
إلّا ان أكثر ما قاله المؤرخون فيه أنّه تاب في آخر سنواته الأمر الذي ظهر واضحاً في شعره خاصّة في القصيدة التي وُجِدَت أسفل مخدّته عند موته يقول فيها:
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة فلقد علمت بأن عفوك أعظـمُ
إن كان لا يدعوك إلا محسـن فمن الذي يرجو ويدعو المجرم أدعوك رب كما أمرتَ تضرّعاً فإذا رددتَ يدي فمن ذا يرحـم ما لي إليك وسيلة إلا الـرّجـا وجميل عفوك ثمّ أني مُسـلـم.
فعاش حياة المجنون والإسراف في شبابه وقد عاقر الخمر وصرح بشعره ومدح ورثى وتغزل وختمها بتوبة ورجاء العفو والغفران.
إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى
تحرير: حلا مشوح