M Alhussein/ BAZNEWS
سوريا والعراق شكلتا مناطق توتر بين أنقرة وواشنطن لسنوات طويلة، خاصة فيما يتعلق بمسألة الأكراد والجماعات المسلحة المرتبطة بـ”حزب العمال الكردستاني” وتنظيم “داعش”. في هذا السياق، تسعى تركيا، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، إلى تغيير الوضع الإقليمي من خلال تقليص التدخلات العسكرية الأمريكية وتوجيه دفة الحل السياسي في سوريا والعراق بما يخدم مصالحها الأمنية.
السيناريو التركي: تحالف مع دمشق؟
وفقًا لسونر چاغاپتاي، يمكن أن تكون المصالحة بين أنقرة ودمشق إحدى استراتيجيات تركيا المستقبلية. إذ تعتبر أنقرة أن التعامل مع نظام الأسد يمثل فرصة لإعادة ضبط الاستقرار في سوريا ومنع “وحدات حماية الشعب” من تهديد الأمن القومي التركي. هذه الوحدات، التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بـ”حزب العمال الكردستاني”، تمثل العائق الرئيسي في العلاقات بين أنقرة وواشنطن.
إلى جانب ذلك، ترى أنقرة أن إعادة المركزية في سوريا، بما في ذلك عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، يمكن أن تكون جزءًا من الحل، ولكنها تواجه تحديات داخلية وخارجية. من جهة، يعارض العديد من اللاجئين السوريين في تركيا العودة في ظل نظام الأسد. ومن جهة أخرى، يمكن أن يؤدي هذا إلى مواجهات مع “هيئة تحرير الشام” في شمال سوريا، التي قد تحاول استغلال الأوضاع لزعزعة الاستقرار.
دور الولايات المتحدة والاتفاقات المحتملة
مع توقع تراجع الحضور العسكري الأمريكي في المنطقة، ترى تركيا فرصة للتعاون مع واشنطن فيما يتعلق بمناطق النفوذ في شمال شرق سوريا. ومع ذلك، هذا التعاون قد يثير التوترات إذا لم تتمكن تركيا من إقناع واشنطن بالتخلي عن دعمها لوحدات حماية الشعب، التي تعتمد عليها الولايات المتحدة في محاربة تنظيم “داعش” وإدارة السجون التي تحتجز مقاتلي التنظيم.
تشير السيناريوهات المطروحة إلى إمكانية تقسيم المنطقة إلى مناطق نفوذ غير رسمية تديرها تركيا والنظام السوري، مع تقديم الولايات المتحدة الدعم الفني في هذه المرحلة الانتقالية. وفي حال عدم تحقيق توافق بين تركيا وواشنطن، قد تلجأ أنقرة إلى دمشق، بدعم من روسيا، لتأمين مصالحها في المنطقة.
تركيا تريد اعادة ربط العراق وسوريا معا
الموقف من العراق ومشروع “طريق التنمية”
في العراق، تسعى تركيا إلى تعزيز نفوذها من خلال مشروع “طريق التنمية”، الذي يربط الأسواق الآسيوية والأوروبية عبر العراق وتركيا. هذا المشروع يهدف إلى موازنة النفوذ الإيراني في بغداد، ويعتبر جزءًا من استراتيجية أنقرة لتعزيز العلاقات مع الحكومة المركزية العراقية دون التخلي عن “إقليم كردستان”، الذي يشكل شريكًا اقتصاديًا هامًا لتركيا.
المشروع قد يحظى بدعم الولايات المتحدة، خاصة في ظل تزايد المخاوف من النفوذ الإيراني المتزايد في العراق.
تركيا تريد اعادة ربط العراق وسوريا معا الجزء الثاني
في ختام هذا التحليل للاتفاق المحتمل بين أنقرة وواشنطن في سوريا والعراق، يتضح أن العلاقات بين الدولتين تستند إلى خليط معقد من المصالح المشتركة والاختلافات العميقة. بينما تسعى تركيا إلى تعزيز نفوذها الإقليمي وضمان أمنها القومي، خاصة فيما يتعلق بالقضية الكردية، تركز الولايات المتحدة على الاستقرار الإقليمي ومواجهة الإرهاب، خصوصاً تنظيم داعش.
رؤية سونر چاغاپتاي تلقي الضوء على هذا التداخل في المصالح والتحديات، وتشير إلى أن التوصل إلى اتفاق مستدام بين أنقرة وواشنطن يعتمد على قدرة كلا الطرفين على تقديم تنازلات وتنسيق استراتيجياتهما بعيدًا عن المواقف المتصلبة. على الرغم من العقبات، فإن التحالف القائم على المصالح الأمنية والاقتصادية المشتركة قد يؤدي في النهاية إلى تعزيز استقرار المنطقة، مع مراعاة حساسية القضايا الداخلية لكل من تركيا والولايات المتحدة.