رأى معهد واشنطن للدراسات الاستراتيجية ان هناك تطور يهدد بتصعيد التوترات بين تركيا وإسرائيل،
وقد يؤدي اغتيال إسماعيل هنية، أحد قادة حركة “حماس”، في طهران إلى تشديد موقف أنقرة ضد تل أبيب وتحفيز سلسلة من الأعمال الانتقامية على المستويين الدبلوماسي والاقتصادي. تشير التحليلات إلى أن هذه الحادثة قد تكون نقطة تحول كبيرة في العلاقات بين البلدين، التي شهدت في السابق محاولات لتهدئة التوترات بعد سنوات من العلاقات المضطربة.
وفقًا لتقارير إعلامية، كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يرتبط بعلاقة شخصية وثيقة مع هنية، الذي قُتل في حادثة اغتيال مفاجئة قبل نحو أسبوعين. وقد شكلت هذه الحادثة صدمة لأردوغان، الذي كان يعتبر هنية ليس فقط حليفًا سياسيًا، بل كأحد أفراد أسرته. هذه العلاقة الوثيقة قد تدفع أردوغان إلى اتخاذ مواقف أكثر حدة ضد إسرائيل، حيث من المتوقع أن يعتبر الاغتيال إهانة شخصية له.
وفي خطوة أولى على هذا الطريق، انضمت تركيا إلى قضية رفعتها جنوب أفريقيا أمام “محكمة العدل الدولية” ضد إسرائيل، متهمة إياها بارتكاب إبادة جماعية في غزة. ورغم أن تركيا لم تلتزم رسميًا بقبول حكم المحكمة كملزم، إلا أن انضمامها للقضية يشير إلى احتمالية اتخاذ إجراءات دبلوماسية إضافية في المستقبل القريب، مما قد يؤثر بشكل كبير على العلاقات الإسرائيلية التركية وأيضًا على السياسات الأمريكية في المنطقة.
منذ تولي أردوغان السلطة، أقامت تركيا علاقات قوية مع “حماس”، رغم الضغوط الدولية التي تعتبر الحركة جماعة إرهابية. تعود جذور هذه العلاقة إلى عام 2006 عندما دعا أردوغان خالد مشعل، زعيم “حماس” آنذاك، لزيارة أنقرة، في وقت كانت فيه تركيا تحافظ على علاقات جيدة مع إسرائيل. ولكن مع مرور السنوات وتزايد الاشتباكات بين “حماس” وإسرائيل، بدأت العلاقات التركية الإسرائيلية تتدهور تدريجيًا، لتصل إلى أدنى مستوياتها بعد حادثة “أسطول الحرية” عام 2010، حيث قُتل ثمانية مواطنين أتراك خلال مواجهة مع قوات إسرائيلية.
على الرغم من المحاولات الأمريكية لإعادة ضبط العلاقات بين البلدين، والتي شهدت استئناف العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل في ديسمبر 2022، إلا أن اغتيال هنية والحرب الحالية في غزة يهددان بتقويض هذا التقدم وإعادة العلاقات إلى حالة العداء.
وفي سياق متصل، من المتوقع أن تتخذ أنقرة خطوات عقابية إضافية ضد إسرائيل ردًا على مقتل هنية. قد تشمل هذه الخطوات وقف التعاون مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) في كل ما يتعلق بإسرائيل، وتشديد العقوبات التجارية، وحتى حظر استخدام المجال الجوي التركي للطائرات الإسرائيلية. كما تلوح في الأفق خيارات أكثر تصعيدًا، مثل السماح بمرور أسطول جديد لكسر الحصار على غزة، أو استضافة قيادات “حماس” بشكل علني، أو حتى قطع العلاقات الدبلوماسية بالكامل.
من جهتها، قد تسعى إسرائيل إلى تهدئة الأوضاع من خلال وسطاء إقليميين مثل الإمارات العربية المتحدة، التي تتمتع بعلاقات جيدة مع كلا البلدين. ورغم ذلك، قد تواجه إسرائيل صعوبة في تجنب الانتقادات التركية المستمرة، مما قد يدفعها إلى اتخاذ إجراءات ضد المصالح التركية، مثل تعزيز تحالفها مع اليونان، وهو ما قد يؤدي إلى تصعيد أكبر في التوترات.
في ظل هذه الظروف، تجد الولايات المتحدة نفسها في موقف حرج، حيث أن أي تصعيد بين تركيا وإسرائيل قد يؤدي إلى تعقيدات جديدة في المنطقة، ويضعف التحالفات التي تحاول واشنطن الحفاظ عليها. ومع احتمالية انهيار العلاقات بين تركيا وإسرائيل إلى ما هو أبعد من نقطة الإصلاح، قد تحتاج الولايات المتحدة إلى تكثيف جهودها الدبلوماسية بشكل عاجل لمنع حدوث قطيعة كاملة بين حليفين استراتيجيين في منطقة الشرق الأوسط.