تأثير الإعلام على السياسة: هل نحن متحكمون أم مُتحكم بنا؟ الكاتب بسام البديري

مقدمة
في عالم يتسم بالعولمة والاتصال الفوري، يلعب الإعلام دورًا حاسمًا في تشكيل الوعي السياسي وتوجيه الرأي العام. ومع تنوع وسائل الإعلام من الصحافة التقليدية إلى منصات التواصل الاجتماعي، تبرز تساؤلات حول مدى تأثير الإعلام على السياسة. هل نحن، كمواطنين، نملك القدرة على التحكم في وسائل الإعلام، أم أننا مجرد دمى في أيديها؟

الإعلام والسياسة: علاقة متشابكة..
لطالما كانت العلاقة بين الإعلام والسياسة متشابكة ومعقدة. يستخدم السياسيون وسائل الإعلام للتواصل مع الجماهير، بينما تعتمد وسائل الإعلام على السياسة لتغذية محتواها. لكن مع تطور التكنولوجيا وتزايد استخدام الإنترنت، أصبحت هذه العلاقة أكثر تعقيدًا. فالسياسيون لم يعودوا يعتمدون فقط على الصحف والقنوات التلفزيونية، بل أصبحوا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لبناء شعبيتهم والتواصل المباشر مع الناخبين.

التلاعب الإعلامي والتأثير على الديمقراطية…
أحد أبرز المواضيع المثيرة للجدل في هذا السياق هو قدرة وسائل الإعلام على التلاعب بالرأي العام. فمن خلال التحكم في المحتوى المقدم وتوجيه الأخبار وفق أجندات معينة، يمكن لوسائل الإعلام التأثير على نتائج الانتخابات وتشكيل السياسات العامة. ولعل أبرز مثال على ذلك هو التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية عام 2016، حيث استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي لنشر معلومات مضللة وزرع الفتنة بين الناخبين.

الإعلام كأداة للسيطرة السياسية..
تاريخيًا، استخدمت الأنظمة الدكتاتورية وسائل الإعلام كأداة للسيطرة على الشعوب وتوجيهها. في الأنظمة الديمقراطية، ورغم حرية الصحافة، يمكن لوسائل الإعلام أن تخضع لضغوط اقتصادية وسياسية تؤثر على مصداقيتها. هذا يثير تساؤلات حول مدى استقلالية وسائل الإعلام وقدرتها على تقديم محتوى نزيه وموضوعي.

وسائل التواصل الاجتماعي: سلاح ذو حدين…
على الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي قد منحت الناس صوتًا يمكنهم من التعبير عن آرائهم بحرية، إلا أنها أيضًا أصبحت منصة لنشر الأخبار الزائفة والتلاعب بالمعلومات. يمكن لأي شخص إنشاء محتوى ونشره، مما يزيد من صعوبة التمييز بين الحقيقة والزيف. هذا الوضع يعزز الانقسام السياسي ويؤدي إلى تطرف الآراء.

ختام..
بينما تستمر وسائل الإعلام في لعب دور حاسم في السياسة، يبقى السؤال الأساسي: هل نحن متحكمون في الإعلام أم أننا تحت تأثيره؟ الجواب ليس بسيطًا، ويعتمد بشكل كبير على مدى وعي الجمهور وقدرته على التمييز بين المعلومات الصحيحة والمضللة. في نهاية المطاف، يجب على المجتمع تعزيز النقد الإعلامي وتعليم الأجيال القادمة كيفية التعامل بذكاء مع المعلومات التي يتلقونها.

التوصيات..
لتعزيز الديمقراطية وضمان نزاهة العملية السياسية، ينبغي اتخاذ بعض الخطوات:

تعزيز التعليم الإعلامي:
يجب تضمين مناهج تعليمية تركز على كيفية تحليل الأخبار والتأكد من صحتها.

تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي:
من خلال وضع قوانين تفرض الشفافية ومحاسبة المنصات التي تسمح بنشر الأخبار الزائفة…

دعم الصحافة المستقلة:
من خلال تقديم دعم مالي وتقني للصحفيين المستقلين الذين يسعون لكشف الحقائق وتقديم تقارير موضوعية…

بهذه الإجراءات، يمكننا تقليل تأثير الإعلام السلبي على السياسة وضمان وجود إعلام نزيه وشفاف يخدم المجتمع والديمقراطية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.