أعلنت المديرية العامة للأمن العام اللبناني، الخميس، بدء تطبيق إجراءات جديدة “مشددة” بحق اللاجئين السوريين في لبنان، ضمن “استراتيجية تتضمن خارطة طريق لضبط وتنظيم” هذا الملف.
وقالت المديرية في بيان، إن الإجراءات تتضمن الطلب من السوريين المخالفين لنظام الدخول والإقامة، التوجه مباشرة إلى المراكز الحدودية لمنحهم التسهيلات اللازمة، وتسوية أوضاعهم ومغادرة لبنان، تحت طائلة اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحق غير المغادرين.
وأضاف البيان أن الإجراءات تشمل أيضاً، التشديد على المواطنين اللبنانيين عدم تشغيل أو إيواء أو تأمين سكن لسوريين مقيمين بطريقة غير شرعية في لبنان، وإقفال كافة المؤسسات والمحال “المخالفة” التي يديرها أو يستثمرها سوريون، تحت طائلة تنظيم محاضر ضبط إدارية وعدلية بحق المخالفين.
ودعت المديرية، إلى عدم السماح للسوريين المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بممارسة أي عمل مأجور من خارج قطاعات العمل المحددة لهم.
وتضمنت الإجراءات وقف العمل بمنح أو تجديد الإقامات بموجب عقد إيجار سكن، أو سنداً لتعهد المسؤولية (كفالة شخصية)، إضافة إلى تعديل شروط تجديد الإقامات بموجب كفالة مالية.
أعلن وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عصام شرف الدين، الخميس، أن سلطات بلاده ستستأنف تسيير قوافل إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، خلال أيام.
وقال شرف الدين، إن القافلة الأولى، التي من المقرر أن تنطلق صباح يوم الثلاثاء المقبل من #لبنان إلى #سوريا، ستقل ألفي لاجئ سوري.
ومن جانبه دعا الحزب “التقدمي الاشتراكي” اللبناني، حكومة تصريف الأعمال والأحزاب السياسية في لبنان، إلى معالجة أزمة اللاجئين السوريين “برؤية وطنية واحدة ضمن مؤسسات الدولة”، وسط استمرار الجدل حول “الهبة الأوروبية” البالغة مليار دولار.
وعرض رئيس “التقدمي الاشتراكي” النائب تيمور جنبلاط، مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الورقة التي أعدها الحزب لمعالجة ملف السوريين في لبنان، مؤكداً ضرورة التعامل مع القضية بعيداً عن التحريض والاستغلال، وضمن ما يحفظ هيبة الدولة وكرامة المواطن اللبناني.
من جانبه، طالب رئيس لجنة الإدارة والعدل في البرلمان النائب جورج عدوان، حكومة تصريف الأعمال بتزويد النواب قبل الجلسة النيابية المزمع عقدها الأربعاء المقبل، بشروط “الهبة” الأوروبية لمعرفة كامل تفاصيلها وكيفية التصرف بها.
في السياق، دعا عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب غسان حاصباني، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة روزماري ديكارلو، إلى تخفيف الدعم عن اللاجئين السوريين الموجودين بطريقة غير شرعية على الأراضي اللبنانية.
ورأى أنه لا يمكن لأي شخص نزح إلى لبنان البقاء فيه أكثر من سنة، إذا لم يكن وضعه قانونياً، معتبراً أن المهاجرين غير الشرعيين يجب أن يرحلوا إلى بلد آخر أو يعودوا إلى بلدهم، إذا كانت هناك إمكانية، وكانت الساحة آمنة.
فيما رأى رئيس “التيار الوطني الحر” اللبناني، النائب جبران باسيل، أن على أوروبا “لتحمي نفسها”، أن تؤمن عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم بشروط الأمان والكرامة الإنسانية.
وقال باسيل، إن اللاجئين المعارضين يمكن أن يعودوا إلى مناطق سيطرة المعارضة السورية، ولو كانت محدودة، ومن يساند دمشق يذهب إلى مناطق سيطرتها.
وأضاف أن حل مشكلة اللاجئين السوريين لا يكون بمنح المال إلى لبنان لتقوية الجيش من أجل إقفال الحدود البحرية أو بما يؤدي الى إبقاء اللاجئين مدة أطول، بل الحل بتمويل عودتهم إلى أراضيهم.
واعتبر أن الاهتمام الأوروبي بملف اللاجئين السوريين، جاء بعد تدفق المهاجرين إلى قبرص، معتبراً أن الأموال الأوروبية لو ذهبت إلى تمويل العودة، “لكان عاد قسم كبير من اللاجئين إلى سوريا”.
وأكد أن “المشكلة في اللجوء السوري ليست تقنية بل في خضوع معظم الطبقة السياسية للإرادة الخارجية”، لافتاً إلى أن لبنان بحاجة قرار سياسي لم يحصل منذ عام 2011 لتنفيذ القوانين اللبنانية، وفق ما أفاد به لقناة “روسيا اليوم
تحدث الخبير الاقتصادي اللبناني جاسم عجاقة، عن “ضعف” حجم الهبة الأوروبية المالية الممنوحة للحكومة اللبنانية، معتبراً أن حجم الاحتياجات الشهرية للبنان يفوقها بكثير.
وأكد عجاقة أن الكلفة المباشرة على خزينة الدولة من اللجوء السوري “لا تقل عن 1.72 مليار دولار أميركي سنوياً، “أما الكلفة غير المباشرة فلا تقلّ عن بضعة مليارات سنوياً”.
وقال عجاقة، إن رئيسة الاتحاد الأوروبي، لم توضح إن كانت المساعدة لدعم الاستثمارات أم الاستهلاك، “وما هي الآلية التي ستتبع في ذلك، موضحاً أنه في كلتي الحالتين، “لا المبلغ كاف للدعم، ولا الآلية واضحة”، وفق “الحرة”.
من جهته، رأى العميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ بول مرقص، أن الهبة يجب أن تكون على شكل دفعة على حساب المساعدات الخارجية، لاستضافة اللاجئين السوريين مؤقتاً، “وألا يشكل ذلك أي وجه من وجوه الإدماج أو التوطين”.
وشدد مرقص بأن لا يُرتب على لبنان أي التزامات سياسية في المقابل “أي أن يكون القبول مشروطاً”.
رأى الباحث في منظمة “هيومن رايتس ووتش” رمزي قيس، أن السلطات اللبنانية “غير جادة” بشأن أي حل لأزمة اللاجئين السوريين في لبنان.
وقال قيس، إن المقترحات الحكومية اللبنانية حول خطة تستند إلى الإجراءات والقانون اللبناني، بشأن اللاجئين السوريين، ترقى إلى “عمليات الترحيل الموجزة” التي تنتهك القانون الدولي، في إشارة إلى مبدأ عدم الإعادة القسرية.
واتهم قيس، السلطات اللبنانية باستخدام اللاجئين السوريين “كبش فداء” لصرف الأنظار عن مسؤولياتها تجاه الشعب اللبناني، وفق صحيفة “غارديان” البريطانية.
من جهته، أكد مسؤول العلاقات الخارجية بحزب القوات اللبنانية ريشار قيومجيان، أن القضية السورية على رأس أولويات الحزب، نافياً ضلوع أعضاء من الحزب بأعمال عنف ضد السوريين في الأسابيع القليلة الماضية.
واعتبر قيومجيان، أن ما جرى هي “أفعال بعض الأشخاص المتحمسين”، مؤكداً أن الحزب فعل الكثير لتهدئة مشاعر المنتسبين له، بعد حادثة مقتل أحد مسؤوليه، واتهام سوريين بالجريمة.
ووفق السياسي اللبناني فإن مسألة اللاجئين السوريين لا تتعلق فقط بالاقتصاد، “بل تتعلق بهوية لبنان”، مشدداً على أن اللبنانيين يرفضون فقدان بلدهم.