شرق أوسط – فريق التحرير
يخيّم الهدوء على مخيم عين الحلوة الفلسطيني جنوب لبنان، بعد نحو أسبوع من الاشتباكات العنيفة، طال فيها القصف مدينة صيدا، وقد بدأت الاشتباكات بعد اغتيال قائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا اللواء أبو أشرف العرموشي وبعض مرافقيه، في كمين مسلح، أثناء طريقه لاستلام مطلوب متهم باغتيال مدني في المخيم.
ويرى محللون أن الأحداث الدامية في مخيم عين الحلوة بالغة الخطورة لسببين، أولاً؛ لأنها من الممكن أن تتوسع لبنانياً، خاصة مع الحديث عن بعض الامتدادات خارج المخيم، وتدخلات من قبل مسؤولين حكوميين لبنانيين في شؤون المخيمات، وكذلك تدخلات فلسطينية في الشأن السياسي اللبناني، وكلاهما يُخالف اتفاق الطائف، وهو ما يُخشى أن يُمهّد الطريق لتوسّع هذه التوترات على الساحة اللبنانية.
أما السبب الثاني، فهو أن هذه الاشتباكات في مخيم عين الحلوة تُغذي الانقسام الداخلي الفلسطيني، وتزيد من عمقه، والأخطر من ذلك أنها تعني بالضرورة أن الانقسام بين الضفة وغزة، أو بين حماس وفتح في الداخل، يُمكن أن يتوسع ويمتد إلى فلسطينيي الخارج، وهذه كارثة مكتملة الأركان وفق المخطط المرسوم.
وكان لافتاً موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي اعتبر أن توقيت الاشتباك مشبوه وفيه استخدام للساحة اللبنانية لحسابات خارجية، و “في ظل مساعي مصر لوقف الخلافات الفلسطينية – الفلسطينية”.
إذاً من الواضح أنه لا يتم التعامل مع عين الحلوة كحدث معزول عن مقاربة وضعية كل الأطراف المتورّطة فيه وأهدافها. والخشية ليس في تكرار الاشتباكات وحسب، بل في أمرين، التعامل مع الحدث الأمني موسمياً، بمعنى عدم معالجة جذوره وتركه يتفاقم، وتكاثر أدوات الصراعات الداخلية، بما يجعل من الصعب تجاوز تداعياتها، لا سيما أن الجيش مُقيّد إلى حد كبير في التعامل مع الوضع الأمني داخل المخيم. فهذا قرار سياسي كبير يتعدّى الإدارة العسكرية مهما كان حجم الصراع، ولا يبدو أن أحداً مستعدّ لأخذه لا حاضراً ولا مستقبلاً
وأسس مخيم عين الحلوة بعد النكبة سنة 1948، وهو أكبر مخيم في لبنان، من بين 12 مخيماً للاجئين الفلسطينيين، وأكثر من شهد توترات أمنية بتاريخ البلاد.
ويعيش سكانه ظروفاً مأساوية تضاعفت منذ عقدين بفعل الإجراءات الاستثنائية التي يفرضها الجيش اللبناني بمحيطه، كما أن مخارجه محددة بـ4 فقط، تخضع للمراقبة على مدار الساعة، ناهيك عن معاناته من أزمة الكثافة السكنية والبناء العشوائي وهو المحدد بكيلومتر مربع واحد، يسكنها أكثر من 63 ألف لاجئ، كما أنه يؤوي عدداً كبيراً من المطلوبين والفارين من العدالة.
ويضم المخيم عدداً من الفصائل الفلسطينية، أبرزها حركة فتح وعصبة الأنصار وجبهة التحرير الفلسطينية وقوى أخرى.
وفتحت اشتباكات عين الحلوة العيون على أن مشكلات المخيمات لا تزال قائمة وتحمل جذوراً خطرة في حال قرّر أي من الأطراف استخدامها. فالانشغال اللبناني بالنزوح السوري وبمخيمات النازحين، حجب لأشهر طويلة النظر عن قضايا المخيمات الفلسطينية الاجتماعية والسياسية والأمنية. وبالكاد كان الاهتمام بما يجري فيها من خلافات داخلية، وارتباطها في أحيان كثيرة بما يحصل من مواجهات في الضفة الغربية وغزة مع السلطة الفلسطينية وضدها، لكنّ حجم المشكلات الاجتماعية، يضاف إليها تحوّل مناطق في المخيم إلى ملاذ آمن لهاربين من القانون، وتفاقم الخلافات داخل فتح التي أظهرت الأيام الأخيرة عدم تماسكها، وبينها وبين القوى الفلسطينية الأخرى، كلّ ذلك يجعل من أي ساحة عرضة للانفجار في أي لحظة.
من جهتها، نفت قيادة الجيش اللبناني عبر حسابها على التواصل الافتراضي، ما يتم تداوله عبر المواقع، عن معلومات نقلاً عن مصدر عسكري، حول تحضير الجيش لتنفيذ عملية عسكرية في مخيم عين الحلوة. مؤكدة أنها تتابع بدقة الوضع الأمني في المخيم.
ويواصل الجيش اللبناني اتخاذ إجراءات أمنية احترازية، على أطراف مخيم عين الحلوة، وإقفاله الطريق أمام حركة السيارات، والسماح بدخول المشاة بعد التدقيق في هوياتهم الثبوتية.