اللاجئون السوريون في السودان ومأسات البحث عن بر الأمان 

السودان – مروان مجيد الشيخ عيسى

لقد عاش اللاجئون السوريون مأسات العصر وشبح الطرد والقتل في كل البلاد

فإن الأقدار السوداء والمآسي تلاحق السوريين أينما حلّوا. حتى أصبح وجودهم في أيّ مكان في هذا العالم لا يجعلهم بمنأى عن الشرور والمآسي التي فرّوا منها. هكذا هو حال السوريين في جحيم الحرب الداخلية بين السودانيين ، إلا أن ما زاد من محنتهم ومآسيهم هو وجود النظام المستهتر الذي يلاحقهم حتى في المنافي التي لجأوا إليها هرباً من بطشهم، وصار هذا النظام يتعاطى، من خلال مجرميه المصنفين دبلوماسياً، تعاطي قطاع الطرق واللصوص معا مواطنيه. وبخلاف جميع الدول والنظم السياسية في هذا العالم، التي سارعت إلى تقديم يد العون والمساعدة لمواطنيها بهدف انقاذهم من لهيب وشرور الصراع الدائر في هذا البلد الأفريقي، سارع دبلوماسيو النظام السوري إلى الإمعان في إذلال المواطنين السوريين هنا عبر استغلال محنتهم وابتزازهم على نحو حقير.

ففي مؤشر جديد على استهتار النظام السوري بحياة مواطنية ووضاعة ممثليه أخلاقياً وتجردهم من كلّ القيم الإنسانية والسياسية، كشفت شهادات واستغاثات المواطنين السوريين عن درجة الانحطاط والفجور التي بلغها هؤلاء في تعاطيهم مع مناشدات ونداءات السوريين هناك.

وحسب اتصالات مع عدد من المواطنين المقيمين وطلاب جامعات في السودان، أوضحوا بأن:

السفارة وعدتهم بإنشاء صفحة إلكترونية لتسجيل أسماء السوريين المقيمين في السودان، وحتى هذا الوعد، الذي أشبه مايكون بالآمال السوداء في هذا الوقت، إذا ما قورن بالدول التي أرسلت أساطيل جوية وبحرية لانقاذ مواطنيها، لم يتحقق منه شيء حتى هذه اللحظة، رغم وجود هؤلاء المواطنين تحت تهديد الرصاص وهدير الطائرات والمدافع.

فالقائمين في السفارة السورية على رأسهم المدعو ميشيل كدّسوا جوازات السفر عشوائياً فوق بعضها في البداية دون أي تنسيق أو تخطيط، مما تسبب بفقدان بعضها وزاد من معاناة أصحابها، كما أنهم رفضوا طلبات العودة للذين لم يحصلوا على تأجيل الخدمة العسكرية وكذلك رفضوا طلبات حاملي الجوازات المنتهية صلاحيتها فالسوري المهددة حياته في هذه المأساة يحتاج إلى جواز سفر كامل الصلاحية للعودة إلى بلده وبيته.

فأغلب العالقين في بورسودان ٨٠٪ بحسب تقديراتهم، وهي نقطة انطلاق رئيسية للفارين من جحيم الحرب، هم سوريون، فضلاً عن العالقين في الخرطوم وسط أوضاع مزرية لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا حتى دورات مياه صالحة في حين أن أغلب الدول أجلت معظم رعاياها تقريباً، والبقية مستمرة في الإجلاء دون توقف.

والمفارقة المأساوية تبدو أكثر إزعاجاً عندما نعرف أن المملكة العربية السعودية طلبت من السفارة السورية في الخرطوم قائمة بأسماء السوريين الراغبين الخروج من السودان لكي تساعدهم في ذلك، إلا أن مماطلات السفارة السورية وتملّص طاقمها حتى الآن من الاستجابة للمبادرة السعودية فاقمت من مأساة السوريين.

فقد أعلنت السلطات السعودية أنها ستسمح للسوريين المقيمين في السودان ممن لهم أقرباء من الدرجة الأولى في السعودية، بالتوجه إلى المملكة، ووافقت على استقبل عدد من ٢٠٠ إلى ٩٠٠ مواطن سوري بصورة أولية، رغم ذلك لم تقدم السفارة السورية على أية استجابة سوى أنها أرسلت ٥٠ اسماً فقط حتى الآن.

أما بالنسبة للسوريين الذين وصلوا إلى مدينة جدة السعودية، ولم تكن لديهم إقامات سعودية أو فيزا أو جوازات سارية، فقد سمحت سلطات المملكة العربية السعودية لهم بالدخول المؤقت لمدة شهر إلى أراضيها دون شروط إلى حين تسوية أوضاعهم. فقد طلبت السلطات السعودية من القائم بالأعمال السوري لديها المجيء إلى المطار للنظر في أوضاع أولئك السوريين، إلا أنه رفض المجيء قائلاً: أعيدوهم إلى السودان وهذه مصيبة جزئية للاستهتار، الذي يمارسه النظام المستبد بحق مواطنية منذ أكثر من نصف قرن.

فمتى تهتز شعرة من إنسانية هذا النظام الباثن على صورنا منذ نصف قرن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.