الاستيطان الإيراني في سوريا بين التغيير الديموغرافي والعقائدي

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

تسعى إيران لإعادة إحياء مشروعها التوسعي قرب العاصمة السورية دمشق، لتشكيل ضاحية جنوبية، شبيهة بتلك التي في بيروت وتخضع لنفوذ «حزب الله»، وذلك من خلال مدّ نفوذها إلى بلدات ريف دمشق الجنوبي المجاورة لمنطقة السيدة زينب، بحسب شهود عيان تحدثوا عن تلك المنطقة.

وتكثّف إيران من شرائها العقارات وإقامة معسكرات جديدة في منطقة ملاصقة لمناطق نفوذ روسيا المشغولة حالياً بحربها في أوكرانيا، والأوضاع المعيشية المتدهورة في سوريا.

مصادر محلية من سكان بلدة حجيرة التابعة لناحية ببيلا شمال السيدة زينب قالت إنه عقب استعادة النظام السوري  السيطرة على البلدات، صيف 2018 في اتفاق «مصالحة» برعاية روسية أفضى إلى تهجير مقاتلي المعارضة المسلحة وعوائلهم إلى شمال سوريا، بدأ الأهالي الذين عادوا إلى منازلهم يتحدثون عن عروض قدمت لهم من غرباء عن المنطقة، لشراء عقاراتهم، لكن قلة منهم استجابوا لتلك العروض.

غير أن المصادر لفتت إلى أنه ومع التدهور الحاد الأخير في الوضع المعيشي للأهالي الآن، عادت تلك العروض تظهر من جديد، وتحت وطأة الفقر بات هناك مَن يستجيب لها.

فسياسة إيران في سوريا، التي بدأت أواخر سبعينات القرن العشرين، وتواصلت متصاعدة في العشرين عاماً الأخيرة بعد مجيء بشار الأسد إلى سدة السلطة، ودخول نظامه بوابة الحرب الشاملة على السوريين بدءاً من مارس (آذار) 2011، مما فتح الباب على مصراعيه أمام مشروع الاستيطان الإيراني لاستكمال ما بدأه وأنجز فيه مراحل أولى، وتوالت الخطوات متلاحقة؛ حيث أرسل الإيرانيون الخبراء العسكريين والأمنيين وكذلك خبراء التقنيات إلى النظام السوري، ثم بعثوا بميليشيات تتبعهم دينياً وسياسياً، وتعمل بإمرتهم، لمشاركة الأسد حربه على السوريين، فانتظموا في قواعد وتجمعات، هي الأشبه بالمستوطنات اليهودية الأولى، وخاضوا معارك منفردين أو بمشاركة قوات النظام، فقتلوا كثيراً من سكان مدن وقرى، وهجروا آخرين كلياً أو جزئياً، واحتلوا بيوتهم واستولوا على أراضيهم وممتلكاتهم، وجلبوا عائلاتهم ومقربين منهم للاستيطان في المدن والقرى التي استولوا عليها، كما حدث في مدينة السيدة زينب ومحيطها في جنوب دمشق، وفي مدينة يبرود ومحيطها في القلمون الغربي، وفي مدينة القصير وجوارها غرب مدينة حمص. وبطبيعة الحال؛ فإن مدن سيطرة الميليشيات الإيرانية مغلقة أمام سكانها الذين طُردوا منها، وهي ممنوعة أمام حركة العابرين السوريين على نحو ما هي عليه المستوطنات الإسرائيلية ومحيطها بالنسبة للفلسطينيين.

ولأن قدرات ميليشيات إيران التي استقدمت من لبنان والعراق وأفغانستان وإيران وغيرها محدودة، فإنها لم تستطع تأمين وحماية النظام ، واستعادة سيطرته على البلاد، مما دفع بإيران للزج ببعض قواتها من «الحرس الثوري» بقيادة الجنرال قاسم سليماني الذي تولى أيضاً مهمة تنسيق الجهود الإيرانية وعلاقاتها مع مختلف الأطراف المتدخلة في الملف السوري، لا سيما تنسيق حركة القوات الإيرانية والميليشيات ومع النظام السوري  والقوات الروسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.