ريف دمشق – مروان مجيد الشيخ عيسى
ارتكب النظام السوري جرائم بحق الشعب السوري لم يرتكب مثلها أي طاغية من طغاة العالم ففي مثل هذا اليوم استيقظ سكان الغوطة الشرقية ومعضمية الشام بالغوطة الغربية يوم 21 آب 2013، على مجزرة غير مسبوقة في تاريخهم، استعملت فيها صواريخ تحمل مواد كيميائية، قضى على إثرها أكثر من 1450 شخصا أغلبهم من الأطفال، وتم الهجوم بعد ثلاثة أيام من وصول بعثة مفتشين دوليين إلى دمشق.
اتهمت أبناء الغوطة والمعارضة السورية نظام بشار الأسد بارتكاب المجزرة، واعتبرها دليلا على فقدانه لأعصابه، وقالت تقارير إن قوات النظام التي كانت موجودة داخل اللواء 155 بالقلمون أطلقت في الساعة 2:31 من صباح 21 آب 2013، ستة عشر صاروخا، من نوع أرض أرض محملة بغازات سامة يرجح أنها من نوع السارين.
وأضاف التقرير أن الصواريخ سقطت في عدد من مدن الغوطتين كان أبرزها زملكا وعين ترما وكفر بطنا، وعربين بالغوطة الشرقية ومدينة المعضمية بالغوطة الغربية. وأكد ناشطون سياسيون سوريون أن النظام استعمل سلاحا محرما دوليا لضرب منطقة الغوطة تمهيدا لاقتحامها.
النظام السوري من جهته، نفى وقوفه وراء الهجوم، واتهم المعارضة بالمسؤولية عنه، وأكد محققون أمميون أن الأسلحة الكيميائية التي استعملت في منطقة الغوطة، خرجت من مخازن قوات النظام السوري.
وذكرت تقارير إعلامية أن أجهزة مخابرات عدد من الدول الغربية ذهبت في تقاريرها إلى مسؤولية النظام السوري عن الهجوم بغاز السارين السام على المدنيين في منطقة الغوطة، ومنها تقرير الاستخبارات الفرنسية، وكذلك الألمانية التي رجحت استعمل قوات النظام السوري للسلاح الكيميائي بدون علم بشار الأسد أو تفويضه.
ومنظمة هيومن رايتس ووتش أكدت بعد أكثر من أسبوعين من الهجوم، توفرها على أدلة توضح وقوف قوات النظام السوري وراء مجزرة الغوطة.
أما تقرير لجنة التفتيش التابعة للأمم المتحدة الذي صدر في 16 أيلول 2013 فلم يحمل مسؤولية الهجوم لأي جهة أو طرف، واكتفى بوصف الهجوم بأنه جريمة خطيرة ويجب “تقديم المسؤولين عنها للعدالة في أقرب وقت ممكن” مشيرا إلى أنه تم بواسطة صواريخ أرض أرض، أطلقت بين الثانية والخامسة صباحا مما جعل حصيلة الضحايا كبيرة.
وتتميز الصواريخ التي تحمل رؤوسا كيميائية والمستعملة في الهجوم بـأنها لا تحدث صوتا بعد انفجارها، ولا تخلف أضرارا على المباني، بل تخنق الأنفاس وتدمر الأعصاب.
اختلفت الروايات حول عدد ضحايا مجزرة الغوطة بين رقم 1400 قتيل الذي أعلنته المعارضة وهو أقرب للرقم الذي نسب لتقرير للمخابرات الأميركية، ورقم 355 الذي ذكرته منظمة أطباء بلا حدود من بين قرابة 3600 حالة نقلت للمستشفيات.
وكلا الرقمين المذكورين غير صحيح، فعدد القتلى في الهجوم على الغوطة بلغ 1127 قتيلا 201 منهم من السيدات و107 من الأطفال.
وعانى الناجون من المجزرة من احمرار وحكة في العينين، والغياب عن الوعى، والاختناق والتشنجات العضلية ورغوة في الفم.
وبحسب تحقيق دولي، استخدم بشار الأسد الأسلحة الكيميائية المحظورة أكثر من 300 مرة ضد الشعب السوري، وقتل نحو ربع مليون مدني، وأجبر 12 مليون شخص على ترك ديارهم.
ومع أن الواقع يشير إلى أن محاكمة رئيس النظام السوري بشار الأسد ستكون مرهونة بإزاحته عن السلطة بطريقة ما، إلا أنه حتى إذا لم يتم القبض على بشار الأسد، فسيكون إلى الأبد مكبلا بقيود الحقيقة.
ورغم أن الرئيس الأميركي في ذلك الوقت أوباما توعد النظام السوري ورسم خطوطا حمراء لكنها طمست مع الزمن ورحل أوباما ورحل ترامب وجاء بايدن ولازال النظام السوري ورئيسه جاثما على صدور الشعب السوري يستذكرون أنين أطفال الغوطة وهم يلفضون أنفاسهم الأخيرة أمام ذويهم وعبر شاشات وسائل الإعلام دون أن تهتز للعالم رمشة عين.