من سياسات النظام القمعي السوري فالموافقات الأمنية في البيوع العقارية لم تكن موجودة قبل العام ٢٠١١ في سوريا لكن تم إقرارها بعد الثورة بحجج مختلفة أبرزها الإرهاب وتمويل الإرهاب لكنها منذ ذلك الوقت تشكل عائقا قانونيا أمام جميع السوريين في معاملاتهم العقارية كما باتت تشكل وسيلة للابتزاز والاستغلال من قبل العديد من السماسرة وخاصة العاملين في تجارة العقارات والمرتبطين بالأجهزة الأمنية المختصة بمنح هذه الموافقات.
وقت طويل تحتاج الموافقات الأمنية إلى مدد متفاوتة لحين الرد عليها من قبل الأجهزة الأمنية وقد تمتد فترة الرد ما بين شهر إلى ٣ أشهر وفي معظم الحالات يأتي الرد بمنح الموافقة وخاصة إذا كان صاحب العلاقة مسافرا أو أن لديه مشاكل أمنية وتتجاوز نسبة الرفض للموافقات الـ ٦٠ بالمئة وهذا ما سهل على السماسرة المرتبطين بالأجهزة الأمنية لعب دور الوسيط للحصول على الموافقة مقابل مبالغ مادية وبصرف النظر عن وضع الشخص سواء كان مسافرا أو لديه مشكلة أمنية
الأجهزة الأمنية وخاصة في المدن تتحكم بالمكاتب العقارية وفي عمليات بيع العقارات وتأجيرها ولا يمكن أن تكون هناك موافقة دون أن يتم دفع مبلغ مادي يصل في بعض الأحيان إلى ربع قيمة العقار المباع في العام ٢٠١١ صدر تعميم موجه من وزارة الإدارة المحلية التابعة للنظام السوري إلى مديرية المصالح العقارية اطلعنا على نسخة منه ينص على وجوب الحصول على موافقة أمنية عند عملية البيوع العقارية أو إفراغها ويشمل ذلك المنازل والمحال سواء كانت في مناطق منظمة داخل مخطط تنظيمي أو خارج التنظيم وجاء التعميم حينها بصفة سري وعاجل.
ومن الناحية القانونية فإن البيوع العقارية تخضع للأنظمة السائدة في مديرية المصالح العقارية وفي المحاكم العقارية والمدنية عند عمليات إقرار البيع أو الإفراز أو الفراغ لذلك تعتبر هذه القوانين واضحة وعلنية ويعتبر التعميم الذي وصف بالسري والعاجل مخالفا للقانون في هذه الحالة إذ لا يمكن أن يبيع المواطن أو يشتري عقارا وفق تعميم غير معروف ولا يخضع للقضاء.
ومن جهة ثانية فإن هذه الموافقات تخالف الدستور السوري الذي ينص في مواده رقم ١٤ و ١٥ على أنه من حق الفرد في حرية التصرف بأملاكه وعدم جواز مصادرتها.
فمخالفة الدستور والقانون هذه فتحت الباب على مصراعيه لتحكم الأجهزة الأمنية بعمليات بيع وشراء العقارات من خلال منح الموافقات الأمنية أو عدم منحها
وقدطالب رئيس فرع نقابة المحامين في السويداء غسان غرز الدين بإلغاء قرار الحصول على الموافقات الأمنية بما يخص البيوع العقارية لما تسببه من عرقلة للبعض كذلك بسبب إسهامها بحرمان أصحاب الحق من حقوقهم.
وبين غرز الدين أن موضوع الموافقات الأمنية لم يكن موجودا قبل ٢٠١١ وجاء نتيجة الحرب بعد ظهور قضية تمويل الإرهاب ليأتي القرار بهدف منع ممولي الإرهاب من البيوع العقارية التي قد تساهم في تمويل الإرهاب مضيفا أنه وبسبب عدد من القضايا توسعت الموافقات الأمنية لتشمل العديد من القضايا الأخرى مثل منع السفر والاحتياط وغيرها ما ساهم بوجود حجر التصرف بالعقارات والذي غالبا لا يكون سوى ضمن دعاوى قانونية جنائية وكما بين غرز الدين أن الكثير من المواطنين تعرضوا للاستغلال بما يخص الموافقات الأمنية حيث تم اختلاق ادعاءات من بعض أصحاب العقارات المبيعة على المشترين بهدف عرقلة عملية نقل العقار لصالحهم بعد قبضهم ثمنه كاملا.
ومن الجدير بالذكر أن مطلب إلغاء الموافقات الأمنية مطلب قانوني ولا بد من عودة الأوضاع إلى ما قبل العام ٢٠١١ وبحسب مراقبين فإن كل الأمور في سوريا بيد الأجهزة الأمنية التي لن تغلق باب الموافقات الذي يعتبر من الموارد المادية المهمة وسهلة التحصيل لأنه ينبني على استغلال المواطن في أحد أهم تعاملاته القانونية لأن كثيرا من رجالات الأمن يستغل هذا القانون من أجل منافع شخصية.