أخوة بطة : بطة الحج قدورة أمرأه فراتية من دير الزور استجارت بجمهور الديري في أول مباره لكرة القدم بين نادي الفرات وإحدى الفرق الفرنسية إبان الاحتلال الفرسي لوطننا وكان هذا اللقاء مشهوراً عام ١٩٣٧م وتم حشد كل الإمكانيات وفي يوم المباراة زينت شوارع المدينة وكأنها في عرس حقيقي وقبل ساعتين من الموعد كانت تتجمع الحشود على الطريق من النادي الواقع في حي الحويقة وحتى ملعب الفرات أي المعلب البلدي سابقاً الواقع أمام ثانوية الفرات حالياً المتحف
والطبل الكبير الذي يحمله كبير المشجعين آنذاك الذي اسمه علاوي الجاسم والملقب بجور يضرب بقوة فتتجمع الأحياء حسب أماكنها
جمهور حي البعاجين : أي حي الجبيلة يحتشد جانب المشفى العسكري سابقاً أي جانب قيادة المنطقة حالياً
وجمهور العرضي والحميدية : يحتشد في ساحة الحدادة وقد كانت الجماهير المحتشدة في الملعب تفوق الأعداد التي رافقت الفريق من النادي
وأطلق الحكم المحايد صافرته والذي قدم من مدينة حلب خصيصاً لقيادة المباراة وبدأ تخوف نادي الفرات في البداية ورد حارسه شفيق بشار كرات غاية في الصعوبة وسجل الفرنسيون هدفاً ومن عادة الفرنسيين وبعد كل هدف يسجلونه تعزف موسيقى الجيش الفرنسي ألحاناً شجية ابتهاجاً وفرحاً بالهدف على خلاف الإنكليز الذين يطلقون صافرات دباباتهم وفي الشوط الثاني سجل عبد الله القاسم هدف التعادل فتعالت الأهازيج والطبل يقرع تردد الأهازيج الفراتية لا تغترون الزود إلنا أولواها وآخرها إلنا
ويشدد الفرنسيون من هجماتهم ونادي الفرات يبادلونه بالمثل ولكن بحذر حتى استطاع أحد لاعبون نادي الفرات آنذاك كنا يطلقون عيه لقب الدارجة السريعة وهو ابراهيم برغوث تخطى المدافعين الفرنسين ومرر كرة جميلة إلى الفنان عمر إسماعيل الذي أودعها في مرمى الفرنسين
جن جنون الفرنسين بعد هذا الفوز لنادي الفرات عليهم بنتيجة ٢/١ أي هدفين لنادي الفرات مقابل هدف للفريق الفرنسي بعد هذا الفوز الكبير أخذوا يضربون الجماهير الفراتية بلا هوادة
هنا انبرت امرأة عجوز جاوزت الخمسين من عمرها وقد تحزمت وهي تحمل العصا بيدها وأخذت تهزج تلك القصيدة المشهورة والتي أصبحت مثل للفراتين عامة قالت :
لا كنا احبلنا ولاجبنا ليتنا لم نحمل ونخلف أولاد وبدأت تطلق صيحتها المعرف أخوت بطة وقالت عليهم أخوت بطة سمع الشباب نداء المرأة التي شقت الصفوف واندفعوا بقوة يضربون الجنود بالعصي والحجارة في الوقت كان فيه الجنود يضربون الفراتين بأعقاب البنادق بلا رحمة صاح ابراهيم الأهزوجة المعروفة :
الله وأكبر يادعوانا ديريه ومابينا خيانة
ندحم على الطوب وعلى الدانا
ولو هلهلتي ياديريه واحد منا يقابل ميّه
ولو هلهلتي يايا بطة الوحد منا يقتل مية
في نفس الوقت والأهزوجة والجماهير ملتهبة رفع أحد المواطنين من أبناء الفرات العلم السوري وهو يلوح به تارة نحو اليمين وتارة نحو الشمال منشداً بأعلى صوته
بيرق الحرب رفرف على روس النشامة بيرق الحرب رفرف على روس النشامة
وكان الجنود الفرنسيون يطلقون النار في الهواء لتفريق المتفرجين ولكنهم حين شاهدوا العلم السوري في سماء الملعب أخذوا يطلقون النار بشكل عشوائي فأصابوا عدداً من المواطنين حينها سارع الرقيب بهلول لاسعاف المصابين
وبهلول : هذا واحد من رجال الفرقة الأجنبية التي تحتوي في صفوفها رجالات المستعمرات الفرنسية التي كانت تحتلها فمنهم العسكرالمغاربة والجزائريين والسنغال وانضم إلى صفوف الوطنيين وهو ينادي بلهجة الجزائرية ما تخافوش يا ولد بلادي ما تخافوش يا ولد بلادي موتوا واقفين عاشت سوريا حرة مستقلة عاشت الجزائر حرة مستقلة لقد أصيب بهلول برصاص الفرنسين وعولج من قبل أهل الفرات وأصر أخيراً بعد الشفاء أن يبقى في دير الزور ويتزوج من إحدى بناتها مكملاً حياته من خلال حانوته الصغير الذي كان يبيع فيه كل شيء للأطفال
هذه قصة المرأة الفراتية بطة وقصة أخوت بطة التي لازال أهل الدير ينتخون بها إلى يومنا هذا.
إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى