تونس –BAZ_NEWS
مقالة ورأي
قرر الرئيس التونسي قيس سعيد تجميد البرلمان ورفع الحصانة عن جميع النواب، وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه بعد احتجاجات شعبية عنيفة، جرت في عدة مدن تونسية الأحد.
وأعلن سعيد أنه سيتولى رئاسة السلطة التنفيذية، بمساعدة رئيس وزراء جديد يعينه هو.
جاءت قرارات سعيد عقب اجتماعه مع قادة عسكريين وأمنيين في قصر قرطاج الرئاسي.
وفي رد فعل على قرارات سعيد، اتهم راشد الغنوشي رئيس مجلس النواب الرئيس سعيد بتنفيذ”انقلاب على الثورة والدستور”.
وقال الغنوشي – الذي يترأس حركة النهضة ذات التوجة الإسلامي المعتدل والتي تهيمن على البرلمان:
“نحن نعتبر أن المؤسسات لا تزال قائمة، وسيدافع أنصار النهضة والشعب التونسي عن الثورة”.
فيما رفضت أطراف وأحزاب تونسية قرارات الرئيس قيس سعيد المتعلقة بحل الحكومة والبرلمان وتولِّيه السلطة التنفيذية وعدَّتها بمثابة انقلاب.
. في الحقيقة لم يكن هذا ” الإنقلاب الأبيض” إلى حد الآن مفاجئا وغير متوقع بل سبقه إرهاصات واضطرابات مخطط لها بعناية للوصول إلى هذه المرحلة، ظاهر تلك الخلافات دستوري وقانوني لكنه في الواقع خلاف بين القوى الإسلامية ممثلة بحركة النهضة ورئيس الحكومة والقوى العلمانية في تونس وعلى رأسها النائب عبير موسى المدعومة من الإمارات والرئيس سعيد ،
حيث بلغت هذه الخلافات والاضطرابات أشدها في تونس بعد أزمة سياسية إثر الخلافات بين رئيس البلاد قيس سعيد ورئيس الحكومة هشام مشيشي بسبب تعديل وزاري أعلنه الأخير في 16 يناير/كانون الثاني الماضي.
وعلى الرغم من تصديق البرلمان على التعديل فإن سعيد يرفض دعوة الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه، معتبراً أن التعديل شابته “خروقات”، وهو ما يرفضه رئيس الحكومة حتى وصلت الأمور إلى ما عليه الأن.
لكن قد يتساءل الكثيرون عن سبب قيام الرئيس التونسي بهذه الخطوة الانقلابية للقضاء على اخر تجربة عربية ديمقراطية بعد الربيع العربي، وعن القوى والدول التي تدعم هذا الإنقلاب، لذالك سوف نلقي الضوء على ما كان يحاك في الخفاء قبل هذا الإنقلاب لفهم الصورة كاملة.
. تسريبات تكشف عن مخطط انقلابي
قبل شهرين من اليوم الذي قرّر فيه الرئيس التونسي قيس سعيّد تفعيل المادة 80 من الدستور ، التي أتاحت له تجميد عمل البرلمان لمدة 30 يوما وإقالة الحكومة وتنصيب نفسه كنائب عام ، كان موقع بريطاني متخصّص في شؤون المنطقة قد نشر وثيقة “سريّة للغاية” تحتوي على تفاصيل ما حدث في تونس مساء أمس الأحد ، بحذافيرها.
الوثيقة التي سرّبت إلى موقع “Middle east eye” ( عين على الشرق الأوسط ) ، ونشرت بتاريخ 23 ماي 2021 ، تتمثل في مراسلة موسومة بـ”السريّة المطلقة” ، وجّهت إلى رئيسة ديوان الرئيس قيس سعيّد ، موضوعها :”تفعيل الفصل 80 من الدستور” ، وقد احتوت على مبررات وظروف هذا الإجراء الاستثنائي الذي لجأ إليه رئيس البلاد بعد عدّة أشهر من صراع السلطات.
وأشارت تلك الوثائق أن الرئيس التونسي قيس سعيد سوف يقوم “بانقلاب ناعم” عبر حل البرلمان وتحييد رئيس للوزراء التونسي المشيشي عبر استدعائه إلى قصر قرطاج وهو وثلة من رجالات الدولة من ثم اعتقالهم ووضعهم قيد الإقامة الجبرية ، وهو ما حدث بالفعل فإلى الآن لم يخرج خبر واحد عن مكان تواجد رئيس الحكومة بعد استدعائه إلى قصر قرطاج.
. تورط إماراتي لاستنساخ التجربة المصرية بنسخة اقل دموية في تونس
لا يخفى على أحد دور القوى الرجعية في العالم العربي المعادي للربيع العربي وعلى رأس هذه الدول الإمارات تحت قيادة محمد بن زايد، فبعد دعمها للسيسي في مصر لإسقاط الرئيس المنتخب محمد مرسي، ها هي تكرر نفس الدور اليوم في تونس، حيث قال ضاحي خلفان وهو مسؤول سابق في النظام الإماراتي وأحد المطلعين الكبار على السياسة الخارجية للأمارات قبل أيام في تغريدة على تويتر ما نصه ” اخبار سارة…ضربة جديدة ..قوية ..جاية للاخونجية”
هذا التصريح كان قبل ثلاث أيام من اعلان الإنقلاب في تونس ما يشي بوضوح بأن الإنقلاب كان معد له ومتفق عليه بين الرئيس التونسي ودولة الإمارات. ناهيك عن دعم الإمارات للنائب عبير موسى “رئيسة الحزب الدستوري الحر ” عبر إشاعة الفوضى والغوغاء داخل حرم البرلمان التونسي لتعطيل عمله تارة، واتهام الحكومة ببيع تونس لقطر بعد توقيع اتفاقية تعاون بين البلدين تارة أخرى.
اضافة إلى رفضها التعليق على تطبيع الإمارات لعلاقاتها بالكيان الصهيوني مما يدل بشكل قطعي على دور أمارتي تخريبي في تونس أدواته عبير موسى وقيس سعيد والقوى العلمانية الرجعية في عالمنا العربي.
.في النهاية لا يسعنا إلا تمني كل الخير لتونس وشعبها إذ يبدو أن المشهد التونسي يتجه نحو مزيد المشاهد المأساوية، فقط استطاعت القوى المضادة لثورات الربيع العربي إسقاط التجربة التونسية اليتيمة التي ظن البعض أنها نجت من براثن الدكتاتورية، بعد فشل باقي التجارب في مصر وليبيا واليمن وسوريا.