مع إهلالة شهر رمضان المبارك في سوريا يعيش أهل دمشق عادات قديمة عريقة في رمضان توارثوها عن أجدادهم تحكي روح التراث والأصالة والمحبة والتواصل الديني والأخلاقي والحياتي فيما بينهم وهي عادات تكاد أن تندثر هذه الأيام إلا من بعضها فتبدأ برؤية الهلال حيث يستقبل شهر رمضان قبل ثلاثة أو أربعة أيام وفيه متخصصون برؤية الهلال والمحكمة الشرعية تفتح أبوابها لاستقبال الذين شاهدوا هلال رمضان
وتوجد بكل سوريا محاكم شرعية تستقبل الناس الذين شاهدوا الهلال ثم يتم تبليغ الناس عن طريق أصوات المآذن ويعلن بداية شهر رمضان المبارك
ومن العادات والتقاليد الرمضانية في سوريا يعيش أفراد الشعب السوري عادات وتقاليد منذ بدء دخول الإسلام فيه ومنذ الفتوحات التي نشرت الإسلام في أصقاع بلاد الشام
وكان للعادات وتقاليد الشعوب الأخرى التي انصهر أفرادها مع أفراد المجتمع السوري من أكرادوتركمان وشركس وفرس وصقالبة وأتراك ومغاربة
أثرا في إفراز وتداول عادات اجتماعية وتقاليد غذائية وأخرى في اللباس والمسكن والعادات الأخرى مما أثرى التراث الثقافي والاجتماعي السوري فالسوريون يهتمون بشهري رجب وشعبان فيحتفلون بإحياء ليلة الإسراء والمعراج ٢٧ رجب
وبمجرد إعلان رؤية هلال رمضان يبدأ الشيوخ صلاة التراويح وهي ٢٠ ركعة ويذهبون لزيارة بعضهم البعض ليباركوا لهم حلول شهر رمضان
أما وجبة السحور تعتمد على اللبن المصفى والزيتون والبيض والجبن والشاي والمربيات والزعتر وبعض المعجنات
ومن عادات وتقاليد الشعب السوري أن المسحر هو الذي يقوم بإيقاظ النائم للسحور وهي ظاهرة عامة منذ العصر الأموي بواسطة الضرب على الطبلة وهو ينادي على الناس ومن نداءات المسحر قوله:
قوم يا صائم وحد الدائم يا أبو محمد..يا أبو علي وحدوا الله وغيره من النداءات ويكون المسحر من المنطقة ويعرف كل الناس
اما العادة الثانية فهي إطلاق مدفع السحور أول وهناك بعدها بمدة قصيرة مدفع ثان حتى يتم استيقاظ الجميع لتناول طعام السحور
صلاة الفجر بعد تناول السحور يذهبون إلى المسجد لأداء صلاة الفجر وبعد الصلاة البعض يقرأ القرآن او يستمع إلى علماء الدين وهم يردون على أسئلة واستفسارات الصائمين الموجودين في المسجد
وفي نهار رمضان غالبا ما تختصر ساعات العمل في القطاع العام والخاص وحتى الدوام في المدارس والجامعات ويعود الناس إلى بيوتهم وينشغلون إما بتلاوة القرآن الكريم أو تحضير طعام الإفطار أو حتى أخذ قسط من الراحة قبل حلول موعد أذان المغرب
مدفع رمضان في كل المدن والقرى السورية ومدفع رمضان رمز من رموز رمضان وكان في دمشق مدفع واحد يوضع على جبل قاسيون
ولكن مع التوسع العمراني أصبح في دمشق ٢٠ مدفعا والناس التي تحافظ على مدفع رمضان سكان الأحياء القديمة في دمشق وقد ترى عددا من الأشخاص المتجمعين بالقرب من هذه المدافع لرؤيتها لحظة أذان المغرب
ومائدةالافطارأهم شيء فيها شوربة العدس أو شوربة الشعيرية ومعها اللحم أو مرقة الدجاج أما صحن الفول فهو سيد طاولة الطعام في رمضان ثم الفتة أو التسقية الحمص البليلة مع اللبن والطحينة والثوم والليمون مع المتبلات
وأهم الوجبات هي الكبة والمحاشي وغيرها من الوجبات المحببة لدى أهل الشام مع السلطات الغنية بالخضار أو الفتوش وأما وجبات الحلويات المشهورة دمشقيا كالعوامة والقطايف وأهم شيء بعد تناول الإفطار هو الشاي
ومن أشهر المشروبات في شهر رمضان العرق سوس والتمر الهندي والقمر الدين عصير المشمش ولا تكاد تخلو مائدة الإفطار من هذه المشروبات وخاصة بعد الصيام الطويل
وتتم صلاة العشاء والتراويح في المساجد وبعد الإنتهاء من الصلاة يجتمع جميع أفراد العائلة عند كبير العائلة الذي يستقبل الأهل ليصبح البيت دار ضيافة وتستمر الضيافة من بداية رمضان حتى منتصف هذا الشهر الكريم
حلويات الضيافة عبارة عن القطائف العصافيري التي توضع عليها قشطة الحليب وكذلك البقلاوة والنهشن والنمورة وبعض الفواكه وتكون في ختام الضيافة القهوة المرة وهي مسك الختام ثم تتم زيارة العائلات
وإن أواصر المحبة والألفة بين أفراد المجتمع السوري في شهر رمضان المبارك تشتد
حيث يتبادل المصلون تحيات الود والمحبة وتقوى هذه الأواصر من خلال تبرع الموسرين على المحتاجين بالعطايا والزكاة والصدقات والكفارات فتجمع الأموال والسلع الأخرى لتوزع على الفقراء
ولا يمنع الموسرين أو متوسطي الحال من دعوة أقاربهم وأصدقائهم إلى موائد الافطار
وفي الأسواق ينتشر باعة الحلويات الشهيرة كالكنافة والمعجنات كالمعروك وهو نوع من خبز رمضان مزين بالسمسم والمعروك المحشي بالتمر العجوة والناعم الطبق الشعبي من العجين مقلي بالزيت ومزين بالدبس ومحلات بيع الحمص والفول والسوس والمخللات حيث يتنافسون في عرض بضائعهم على المشترين والمستهلكين ومن الأشياء الشائعة قبل وخلال شهر رمضان السلال الرمضانية وهي في الغالب سلة تحتوي على بعض المواد التموينية كالرز والسكر والزيوت والسمن وبعض الحبوب والبقول المجففة لإضافة إلى المربيات وهي تباع في العديد من المحلات التجارية ويشتريها الناس إما للتزود بها أو للتصدق بها على إحدى العائلات الفقيرة.
إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى