العلم هي المنطقة الفاصلة حاليا بين محافظات أبين وعدن ولحج هذه النقطة الصغيرة من الجغرافيا تحكي تاريخيا طويلا من الصراع مرت عليه سلطنات وممالك ودول عظمى وهو يحكي تاريخا مهما لهذا الجزء من المنطقة ومن العالم .
لكن أبرز صراع قريب حصل في هذه المنطقة ويمكن الوقوف عنده والحديث عنه هنا في هذه العجالة هو الصراع أو الخلاف البريطاني مع الفضول أو سلطنة الفضلي ومن يسمون آل فضل حيث شهدت هذه المنطقة الممتدة من جبال عمران غربا إلى جبال شمسان ومعاشيق جنوبا ورمال الفيوش صراعا داميا بين سلاطين آل فضل وقبائلهم والقوات البريطانية التي احتلت عدن حيث اندلعت حرب رفض واستنزاف بين آل فضل والبريطانيين استمر قرابة ثلاثين عاما منذ أواخر 1800 ميلادية والتي كان يقودها السلطان أحمد بن عبدالله بن أحمد المكسر الذي توفي عن عمر يناهز المئة عام ثم خلفه ابنه السلطان حسين بن أحمد بن عبدالله المكسر الذي استمر في المقاومة طويلا إلى أن تشتت قوات آل فضل وضعفوا ووهنوا وأجبر السلطان حسين على توقيع تعهد بأن يوقف المطالبة بعمران والبريقا إلى بلاد العبدلي وانسحب إلى زنجبار وفي ذات الوقت اتفق العبدلي والعقربي مع الإنجليز أنه مقابل إخراجكم للفضلي من هذه المناطق سنبيع لكم البريقاء والخيسة والشعب إلى الشيخ عثمان وهي المناطق التي كانت خاصة بقبائل الفضلي .
بعد إنسحاب السلطان الفضلي وعودته إلى زنجبار ذهب إليه الإنجليز لكي يوقع على اتفاقية الحدود مع الإنجليز و العبدلي والعقربي وحين رفض ذلك نفت بريطانيا السلطان حسين بن أحمد المكسر وولديه عبدالله وصالح حسين أحمد المكسر إلى منطقة كراتشي بالهند حيث مات ابنه صالح حسين أحمد المكسر هناك بسب مرض الجدري وبقي السلطان حسين وابنه عبدالله في المنفى بكراتشي قرابة خمسة عشر عاما وظل رافضا رفضا قاطعا التوقيع على إتفاقية الحدود التي يريد الإنجليز فرضها عليه .
حين تم نفي السلطان حسين بقي ابنه الأصغر أحمد بن حسين الذي تولى قيادة السلطنة وعمره 13 عاما وخلال مدة نفي والده وأخويه مارس الإنجليز كافة أشكال الضغط عليه لتوقيع إتفاقية حدود العلم وإتفاقية الحماية مع بريطانيا وعندما عجزت بريطانيا عن ذلك قايضته بأنه مقابل توقيعه على حدود الفضلي إلى منطقة العلم وإتفاقية الحماية سيتم إعادة والده السلطان حسين وأخوه عبدالله من المنفى في كراتشي وفعلا وقع السلطان أحمد بن حسين على إتفاقية الحدود وفور عودة والده السلطان الشرعي من المنفى عزل ابنه السلطان أحمد بن حسين من الحكم بسبب توقيعه إتفاقية حدود العلم .
انتهت كامل ذرية السلطان حسين ابن أحمد ورفضت الإعتراف باتفاق العلم الحدودي مع الإنجليز إلى أن توفي السلطان حسين بن أحمد عبدالله المكسر عن عمر يناهز ال 120 عاما جاء ابنه عبدالله الذي رفع العلم الإنجليزي فوق حصنه وهو ما رفضته قبائل آل فضل وانتقدت الأمر بشده لكنه قال لهم عندما أخذتنا بريطانيا للمنفى أنا ووالدي وأخي لم تقوموا معنا وهذا كان عتابا شديدا من السلطان الذي انتقدته قبائله بسبب رفعه العلم الإنجليزي على حصنه في زنجبار و أنه عندما نفته بريطانيا ووالده وأخيه إلى كراتشي لم تقم القبائل معهم واستمر رفض إتفاق حدود العلم والحماية مع الإنجليز في الأربعينيات من القرن الماضي عندما كان السلطان صالح بن عبدالله بن حسين الفضلي سلطانا لآل فضل فعند اندلاع الحرب العالمية الثانية تواصل السلطان صالح الفضلي مع القوات الألمانية مبديا رغبته بالتعاون معهم ضد الإنجليز في عدن وعند علم الإنجليز بذلك أسرته ومن معه ووضعته في حصنه بشقرة ثم هاجمت شقرة بعدد من الغارات الجوية اضطر السلطان صالح ومن معه للهرب إلى الجبل ودمرت الغارات البريطانية الحصن بشقرة وبعد مفاوضات معه سلم السلطان صالح الفضلي نفسه ونفته بريطانيا إلى تنزانيا لمدة تسع سنوات حيث ترك إخوانه حسين بن عبدالله واحمد بن عبدالله وناصر بن عبدالله وهم قصر فعين عليهم البريطانيون السلطان عبدالله عثمان وصيا وتعيين حسين بن عبدالله نائبا حيث تم الإتفاق مع الإنجليز وتم إدخال التعليم إلى سلطنة الفضلي و كذا دلتا أبين والإدارة إلى منطقة الفضلي وبعد وفاة السلطان حسين بن عبدالله الملقب بالنائب صعد إلى حكم السلطنة السلطان احمد بن عبدالله بن حسين الفضلي الذي رفض إتفاقية حدود العلم مع الإنجليز والحماية مجددا واقتحم مطار عدن بخور مكسر ومكث فيه ثلاث ساعات وبعدها سرعان ما ان تم نفيه بسب رفضه إتفاقية حدود العلم وإتفاقية الحماية والتحق بالزعيم جمال عبدالناصر ثم اعتلى حكم السلطنة السلطان ناصر بن عبدالله الفضلي الذي ما لبث فتره قصيرة من الزمن في حكم السلطنة وبعدها خرج الإنجليز ومعهم جميع سلاطين الجنوب وتأسست جمهورية اليمن الجنوبية ثم اليمن الديمقراطية إلى أن تمت الوحده عام 90 وتأسست الجمهورية اليمنية والتي تحولت بعدها تسمية سلاطين الجنوب إلى مشائخ حيث أصبح الشيخ طارق بن ناصر بن عبدالله بن حسين بن احمد الفضلي شيخا لآل فضل وخلال الفترهالفترة الممتدة من ذلك التاريخ إلى اليوم وسجن الشيخ طارق الفضلي ووضع تحت تحت الإقامة الجبرية أكثر من مرة ثم نفي إلى عدن وهو موجود بها إلى اليوم وكل ذلك بسبب رفضه لحدود منطقة العلم ومطالبته بالحق التاريخي و بالأرض التاريخية لآل فضل ..
إنه العلم أيها السادة الذي عنده تقف الدول والممالك الإمبراطوريات العظمى وتقوم دول وتنتهي دول وآخرها ضربة قوات التحالف للقوات الشرعية التي أرادت الدخول إلى عدن … العلم تاريخ من الصراع الذي يرفض آل فضل وسلاطينهم أن يفرضه عليهم احد وهو الإنطلاقة المستقبلية لاي وضع قادم آخر محتمل.
إعداد: يوسف الحزيبي
تحرير: حلا مشوح