الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان الأسباب والنتائج

بقلم الكاتب السوري بوكالة BAZ_NEWS

محمد علي

مع اقتراب موعد إنسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان بعد أشهر قليلة في ١١ سبتمبر القادم والتساؤلات التي تثار حول مستقبل أفغانستان بعد هذا الإنسحاب، ردت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي، على مخاوف الانسحاب من أفغانستان ومحاولات حكومة كابل، وتقارير المراقبين التي تتحدث باستمرار عن إمكانية عودة حركة «طالبان» المسلحة إلى الساحة وانفرادها في السلطة. وقالت في مؤتمرها الصحافي، يوم الجمعة، إن الرئيس الأميركي جو بايدن «اتخذ قرار إعادة القوات الأميركية إلى الوطن، لأن وجهة نظره تقول بأن هذه الحرب لم تكن قابلة للفوز، بعد 20 عاماً من خوضها».
قد يتسائل البعض عن أسباب هذا التصريح من بايدن الذي يشبه إعلان الهزيمة أمام حركة طالبان فهو يؤكد أن دولة عظمى مثل الولايات المتحدة غير قادرة على الفوز بمعركة استمرت 20 عاما ضد حركة صغيرة يتراوح عددها مابين 20 الى 40 ألف مقاتل مقابل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة ومن خلفها حلف الناتو اذ وصل ذروة الوجود العسكري الغربي الى أكثر من 100‪ألف جندي غربي مدعومين ب 350‪ ألف جندي وشرطي افغاني، فما هي الأسباب التي أدت الي الإنسحاب الأمريكي الذي اظهر طالبان بهيئة المنتصر على القوة الغربية وما هي النتائج المحتملة والمترتبة على هذا الإنسحاب.

_أسباب الإنسحاب الأمريكي

1-طبيعة وثقافة الشعب الأفغاني

فمن المعروف أن الإنسان ابن بيئته فالشعب الأفغاني شعب يعيش في الجبال في طبيعة قاسية أورثته تلك الطبيعة الشدة والقسوى والشراسة منذ فجر التاريخ ثم جاء الإسلام ليضفي عليها الطابع الإيماني فزاداد الأفغان شدة على اعدائهم، إضافة الى كره الأفغان للمتعاونين مع الولايات المتحدة فقد كانت يتم اغتيالهم من ثم وضع دولار ورقي في أفواههم برضى قبيلتهم وعائلاتهم لمحو “العار” الذي جلبه هذا العميل لهم.

2- استخدام الجبال وحرب العصابات

فقد استفادات طالبان من طبيعة أفغانستان الجبلية وبدأت حرب عصابات تشتد وتيرتها في الصيف والربيع خلفت هذه الهجمات مقتل 2500 جندي أمريكي و 4000 متعاقد مع الجيش الأمريكي، ونحو 100 ألف من حكومة كابل، مقابل سقوط نحو 250 ألف أفغاني معظهم من المدنيين.

3 – ارتفاع فاتورة الحرب اقتصاديا

فقد كانت فاتورة الحرب على الولايات المتحدة نحو 2 تريليون دولار.

  1. الروابط القبلية في افغانستان فقد استطاعة طالبان توحيد أحد أهم القبائل وهي البشتون (عددها 15 مليون نسمة) ضد الولايات المتحدة وحلفائها.
  2. دور باكستان في دعم طالبان بشكل غير مباشر إذ لعبت الحدود مع باكستان دورا في تدفق الامدادات اللوجستية، فعلاقة الأمريكيين بباكستان ساءت بسبب عدم ضبط باكستان للحدود، وربما كان هناك رغبة لدى حكومة باكستان بمنع انتصار الولايات المتحدة وحلفائها في افغانستان.
    ففي عام 2005 قال العقيد الاامريكي “كراوفورد” لقد كان الجنود الباكستانيون راصدين لمدفعيتنا ضد أهداف من طالبان
    وفي عام 2008، العميد الامريكي “ميتس” يقول أن باكستان كانت مناطق آمنة لطالبان، وهو ماوفر لها الوقت للتخطيط
    وفي 2009 ، العميد “كونواي” يقول أن الحرب في افغانستان كالضغط على “بالون” كلما ضغطت عليه من طرف، ذهب الضغط للطرف الآخر (يقصد الى باكستان).
  3. الصبر الاستراتيجي في مقاومة دولة عظمى

فمنذ البداية كانت الولايات المتحدة وحلفائها يراهنون على القوة بينما كان الأفغان يراهنون علي الصبر والوقت، حتى أن ابو زيد قائد القوات الأمريكية آنذاك صرح في عام 2004، قال أننا نفكر بالثواني وهم يفكرون بمئات السنين.

  • بالنسبة للسيناريوهات المحتملة لما بعد الإنسحاب الأمريكي فهي لا تعدو عن ثلاث سيناريوهات.

1 – انهيار القوات الأفغانية وحكومة أشرف غني وسيطرة طالبان علي كامل الأراضي الأفغانية وإعادة أنتاج نظام طالبان بنسخة أكثر حداثة وبراغماتيه واعتراف الدول بهذا النظام بعد فرظ نفسه كأمر واقع وهو السيناريو الأقرب خاصة وان المناطق بدأت بالسقوط والقوات الأفغانية بالهروب منذ الأن.

2 – إنهيار الوضع العسكري والأمني في أفغانستان وعودة الحرب الأهلية بين القوي الافغانية وعودة القاعدة والتنظيمات الاخرى وانتشار الفوضى والمجاعات والصراعات ومشاكل اللجوء والنزوح.

3 – صمود القوات الافغانية امام ضربات طالبان بدعم جوي من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها ومحاولة الوصول الى حل وسط مع طالبان وانتاج عملية سياسية تفرض بالقوة على جميع الاطراف الافغانية بعد فشلها في إنهاء اي منها للآخر.

إلى الان لا يمكن التنبؤ بما سوف يحصل لأفغانستان مستقبلا بعد الإنسحاب الأمريكي، لكن المؤكد أن الامور تسير لصالح طالبان بشكل عام وأن القوات الأفغانية ترزح تحت ضغط كبير لا يمكن التنبؤ بنتائجة ، و الوقت هو الكفيل لرؤية ما بعد الإنسحاب الأمريكي المرتقب ان حصل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.