أجرت وكالة BAZ لقاءا مع أحد المعتقلين الذين أمضوا ربع قرن في سجن تدمر سيء الصيت وطلب منا عدم ذكر اسمه الصريح أو صورته خوفا منه على أهله وهذا نص اللقاء: اهلا وسهلا بك استاذ ع. م. ص
١-عرفنا عن نفسك
انا ع.م.ص من محافظة الحسكة قرية الفدغمي خريج معهد صناعي عملت موظفا في إحدى الدوائر الحكومية منذ عام ١٩٧٧حتى ١٩٨١ عندما تم اعتقالي .
٢- كيف تم اعتقالك
كنت في عملي كما هي العادة وإذا بعناصر الأمن تقتحم مكتبي ودون أي كلام وضعوا القيود في يدي وربط عيوني وتم اقتيادي إلى جهة لا أعلمها لكن قدرت المسافة التي مشت فيها السيارة ومن خلال ماسمعت من كلام عناصر الأمن عرفت أنهم اخذوني إلى القامشلي
٣-ماذا حدث بعدها
استقبلوني بالضرب والإهانات ووضعوني في منفردة مظلمة قذرة مساحتها متر في متر أشبه ماتكون دورة صرف صحي لاتسكنها سوى الصراصير والجرذان لنا في كل ٢٤ ساعة ٥ دقائق للخروج لقضاء حاجتنا مع إهانات وضرب
٤- حدثنا عن التحقيق
تحقيقهم يعتمد على تقارير مسبقة أغلبها كيدية كل مايريدونه منا أن نؤكد كلام تقاريرهم ونبصم عليها مجبرين عسا ولعل أن يخفف العذاب عنا.
٥- الفترة التي أمضيتها بالتحقيق
بقيت فترة التحقيق معنا ٥ أشهر فقد كان عدد المعتقلين يتجاوز ٥٠٠ شخص من مختلف مناطق الحسكة كان من بينهم ١٥٠ رجلا من ريف الشدادي .
٦- تم نقلكم إلى سجن تدمر تحدث لنا عن ذلك المعتقل.
تم نقلنا بعد منتصف الليل بسيارات أشبه ماتكون لنقل الدواب وعندما وصلنا وجدنا أنفسنا في باحة تحطيها المهاجع التي أمرونا أن نصطف على جدرانها يسلموننا لرجال اشبه ما يكونون للوحوش أقرب ولم يلبث الزبانية أن بدأوا يسحبوننا الواحد تلو الآخر فيتم تعرويتنا من ثيابنا إلا الشورت وفي الوقت الذي تولى قسم من الشرطة المعتقلين المتجهين إلى الجدار بالضرب والجلد والركل يعلو الصياح وترتفع أصوات الاستغاثة ولا مجيب تجذب الأيدي القاسية المعتقل الذي تجرد من ملابسه وبات جاهزاً فتدفعه أو ترفسه فيقع على الأرض ليكون الدولاب فى استقباله واثنان من الشرطة العسكرية على جانبيه ينزلان فيه فترتفع الرجلان إلى الأعلى لكن الجلادين ولزيادة الاحتياط وتحقيق مزيد من العذاب يربطان الرجلين بجنزير حديدي تعدم أي فرصة لهما للتحرك ويبدأ الضرب بلا رحمة ويكون الانتهاء لدى الوحوش أن تنبقر البطن وتسيل منها الدماء فإذا تم ذلك فكوا القيد عن الرجلين وأخرجوا المعتقل من الدولاب وأمروه أن يفتح كفيه وتنهال على الراحات سياط من الجلد العريض حتى إذا حل بالأيدي مثل الذي حل بالأرجل وتأكد الجلادون أن الدم يسيل أمروانا ثم تلحق بنا السياط والعصي تأكل ظهورنا قد تكون خمسين أو مئة وربما مائتا جلدة قبل أن يتوقف
ويعتبر هذا غيض من فيض عذابات ساعات معدودة كان يعيشها سجناء سوريون في سجن تدمر الرهيب ومظاهر وحشية حكم الأسد.
٧- حدثنا عن مجزرة سجن تدمر
نفذت مجزرة بداخل السجن ونحن فيه أودت بحياة ١٠٠٠ سجين بينهم عدد كبير من الأطباء والمهندسين وأصحاب الشهادات العالية ممن اتهموا بالانتماء للأخوان المسلمين أو كانوا من معارضي الأسد من التيارات الأخرى وقد أشرف على تنفيذ المجزرة رفعت الأسد قائد ما كان يعرف بـسرايا الدفاع كان الجلادون يدخلون بأسلحتهم إلى المهاجع ويبدأوون بإطلاق النار على المعتقلين دون رحمة كنت أسمع صراخ المعتقلين وأنينهم وهم يذبحون ومازلت أعاني من آثار تلك المذبحة نفسيا لحد الآن.
٨- هل تغيرت معاملتكم رغم السنين التي أمضيتموها.
لم تتغير المعاملة أبدا حتى خرجنا
٩- هل تمت محاكمتكم.
نعم محاكمة شكلية ينظر القاضي إلى المعتقل ويطلق عليه الحكم بمحاكمة قد لاتأخذ معه ٥ دقائق.
١٠- هل كان يسمح لكم التحدث أمام القاضي.
لا ممنوع التحدث ولا إبداء الرأي ولا إعتراض أتذكر أحد المعتقلين نظر القاضي إليه وقال له حكمناك مؤبد فرد على القاضي لماذا هذا الحكم انا لا انتمي لا لجماعة ولا قتلت ولاسرقت لماذا هذه العقوبة.
فرد القاضي عليه اشحطوه حكمناك إعدام.
فصرخ المحكوم أموت بكرامتي ذاهبا إلى رب كريم أفضل من أن اعيش مع دولتكم المجرمة .
١١- بعيدا عن الإعتقال والقتل والتعذيب كيف كان أول خروجك والتقاءك بأهلك .
اعتقلت عندي طفل عمره سنتين وطفلة عمرها أشهر وعند خروجي وجدت أحفادي لم اتعرف عليهم ولا على أبنائي وكأنني كنت مع أهل الكهف.
١٢- ماذا تعمل حاليا.
خرجت عمري ٦٥ سنة ماذا تتوقع لرجل خرج من الموت بعد ٢٥ سنة.
في نهاية اللقاء نشكر الأستاذ ع.م.ص المعتقل السياسي في سجن تدمر.
إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى