سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
الوضع الراهن الذي تعيشه المنطقة يحتم علينا طرح حلولا لحل معضلة سهلة الحلول إن أراد المجتمع الدولي فك شيفرتها، فهناك العديد من الطرق التي يمكن للدور العربي المساهمة في حل الأزمات المحدثة ولا سيما في سوريا. التعاون الدولي والدور العربي يمكن أن يساهمان من خلال المشاركة في المنتديات واللقاءات الدولية المتعلقة بالأزمة، وبمشاركة معلومات وخبرات وخطط للتعامل معها.
خياران حتى اللحظة بحسب التصريحات الرسمية للمسؤولين العرب والغربيين مستبعدان في سوريا، هما المساعدة الاقتصادية، حيث يمكن للدور العربي المساهمة في حل الأزمات المحدثة من خلال المساعدة الاقتصادية، وذلك عن طريق التبرعات الاقتصادية، والدعم المالي، وتقديم القروض الاقتصادية على أساس منخفض الفائدة.
أما الآخر فهو التدخل العسكري، إذ في بعض الأحيان، قد يكون التدخل العسكري هو الحل الوحيد للأزمة التي تعاني منها الدولة. خصوصا وأنه في السابق كان ينظر إلى الدور العربي بالمساهمة في حل الأزمة السورية من خلال مقدمة الدعم العسكري.
فإن التدخل الدبلوماسي الدور الذي بات مطروحا وهو ما يفضله النظام السوري لإطالة الوقت، وهذا ظهر جليا في تصريحات القيادة التركية وإعلانها عن أول لقاء بين الطرفين في موسكو، إلا أن الدور الآخر لبقية المنظومة العربية كان سريا بعض الشيء.
مع مرور الصراع السوري عامه الحادي عشر، ووصول الاحتياجات الإنسانية إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، والانهيار الاقتصادي فضلا عن تفشي الفيروسات بشكل كبير وأثرها على الظروف المعيشية لأكثر من 6.7 مليون نازح داخل سوريا و5.6 مليون لاجئ في البلدان المجاورة، فضلا عن عدد لا يحصى من المجتمعات المضيفة، يبدو أن الاعتراف بالسياق الديناميكي داخل سوريا بات هو الحل.
من خلال مسارين أولهما ملف التطبيع بين إسرائيل وتركيا والدول الخليجية الذي أخذ اتجاها تصاعديا، ذلك بعد أن وجدت تركيا نفسها في مواجهة مباشرة مع العديد من الدول الإقليمية، ما أجبر أنقرة على العودة إلى التفكير في سياسة “صفر مشاكل” وخصوصا مع النظام السوري ، وأيضا دخول الدور العربي الذي بدأت به عمّان في اقتراح الحلول أمام النظام المستبد، حيث بدأت تتبلور الصورة حول مستقبل الحل السوري.
مصادر دبلوماسية أكدت ، أن تعديلا وزاريا قادما في الحكومة السورية يطغى عليه طابع التوافق الدولي من أجل التمهيد لمقدمة حوار سوري – سوري يشترك فيه أطرافا معينة لإنهاء ملف الأزمة خلال العام القادم على أبعد تقدير، بدايته تغيير رئيس الحكومة الحالي، حسين عرنوس، بشخص له طابع سياسي.
أما التعديل الثاني المطلوب عربيا، فهو عزل وزير الدفاع الحالي، علي محمود عباس، ليكون مقدمة لإعادة هيكلة الجيش السوري بما يتوافق مع الرؤية العربية والروسية في ذات الوقت، إذ بات السياق الديناميكي الحالي في البلاد مفروضا، لذا يرى المطلعون على الملف أن دمج قوات المعارضة التي تدعمها أنقرة بالإضافة لقوات سوريا الديمقراطية ضمن الجيش السوري أمرا ضروريا.
الجدير ذكره، أن مصادر صحفية أفادت بداية كانون الأول، باجتماع قائد القوات الروسية في سوريا ألكسندر تشايكو في مطار مدينة القامشلي قادما من قاعدة “حميميم” السورية مع قيادات من “قوات سوريا الديمقراطية”، حيث أعاد تشايكو “طرح فكرة انتشار الجيش السوري على امتداد الشريط الحدودي وبعمق 30 كلم، ودمج قوات سوريا الديمقراطية مع الجيش السوري”.
الدور العربي الذي تتصدره السعودية، جاء بعد لقاء اللواء حسام لوقا، مدير الإدارة العامة في المخابرات السورية، والذي لعب دورا بارزا مؤخرا في الملف الأمني للبلاد، خلال زيارته إلى السعودية بطائرة خاصة انتقلت بين دمشق وبيروت والرياض الشهر الحالي، وفق ما أكدته المصادر الدبلوماسية.
فالتحرك التركي كان أيضا موازيا للمبادرة السعودية، إذ صرح مدير “معهد إسطنبول للدراسات والفكر”، وعضو حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، أن وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، التقى الرئيس السوري بشار الأسد في اللاذقية قبل 10 أيام.
لقاء تشاووش أوغلو، جاء بعد أيام من لقاء منذر سراس ممثل “فيلق الشام” التابع للجيش الوطني” المدعوم من تركيا مع مسؤولين من المخابرات السورية في معبر كسب، حيث تم اللقاء بترتيب ومرافقة المخابرات التركية، كما بحث فيه الطرفان الترتيبات الأمنية الخاصة بفتح المعابر بين مناطق المعارضة ومناطق سيطرة النظام السوري .
فإن سراس لم يكن الوحيد الذي حصل اللقاء معه، بل هنالك لقاءات خلال الشهر الجاري جمعت بعض ممثلي المعارضة السورية والنظام مؤخرا برعاية وترتيب تركي، والحديث وفق وصفه، “عن مشروع متكامل وهيئة تحرير الشام جزء منه”.
وأيضا على مستوى الروسي التركي، أفاد حسين، أن مجيء قائد الفيلق الخامس في جنوب سوريا والمدعوم من روسيا، أحمد العودة، لتركيا كان بهدف “التعرف عليه شخصيا من قبل الأتراك واستكشاف إمكانية تطبيق تجربة الفيلق في الشمال والأمر تم بترتيب روسي”.
كانت عروض الدول العربية سابقا تتمحور حول دعم اقتصادي واستثناءات من عقوبات “قانون قيصر” الأميركي، وعودة إلى الجامعة العربية والحضن العربي، ومساعدات وإعادة إعمار. إلا أن التوجه الحالي إضفاء طابع الحل السياسي والدبلوماسية في الحوار مع النظام السوري .
فالدبلوماسية هي وسيلة للتفاوض والتعاون مع الأزمات التي يواجهها المجتمع. في العديد من الأحيان، يمكن أن يكون التفاوض مع الجهات المعنية والأطراف المتنازعة هو الطريقة الأكثر فعالية للحل المشكلات والأزمات، وهذا ما يحدث مع النظام في الوقت الحالي بناء على المعطيات المذكورة سابقا.
للحصول على النتائج المرغوبة من الدبلوماسية، يجب أن يتم تعيين ممثلين متخصصين في الدبلوماسية للعمل مع الأطراف المتنازعة وتحديد الأهداف والأماني التي يرغب كل منهم في تحقيقها. ويجب أن يتم استخدام التعاون والإجراءات الدبلوماسية المناسبة للحل المشكلات والتوصل إلى اتفاقية ملائمة.
بالتالي فإنه في العلاقات الدولية، يتم استخدام الدبلوماسية للتعاون مع الأزمات الدولية مثل الاختلافات السياسية والعسكرية والاقتصادية والبيئية. ويمكن استخدام الدبلوماسية في العلاقات الدولية للتعاون في مجالات مثل التجارة والتنمية والإنسانية والعدالة.
فهناك العديد من الأساليب الدبلوماسية المختلفة التي يمكن استخدامها للتعاون مع الأزمة، أحد هذه الأساليب هو التفاوض، حيث يتم في هذه الطريقة التعاون من خلال التفاوض مع الأطراف المتنازعة للعثور على وسيلة للتوصل إلى اتفاقية ملائمة. ويمكن استخدام نظام التفاوض الدبلوماسي أو ما يسمى بالعلامة الخضراء الذي يسمح للأطراف المتنازعة بالتعاون والتفاوض مع بعضها البعض دون أن يتم تفعيل العنف.
ورغم كل تلك الحوارات الدبلوماسية التي تدعو إلى العودة إلى الصفر، وهو مايعني بقاء بشار الأسد الذي يعتبر هو أساس المشكلة، وبقاء نظامه والاكتفاع بالترقيع، وكأن الثورة عندما انطلقت هي ضد عرنوس أو أي وزير، ويعلم كل العالم أن كل ماجرى ويجري في سوريا هو بسبب بشار الأسد ونظامه القمعي، وهذا الذي يجري اليوم، تكلمت عنه منذ عام 2014، فالمجتمع الدولي وكثيرا من حكام العرب ترك الحمار، وعاقب البرذعة ، ليعيد سيطرة بشار الأسد على سدة الحكم في سوريا، ومن ثم حافظ بشار الأسد، وبعده بشار بن حافظ بن بشار.