سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
كشف معتقلون سابقون في سجنون النظام السوري كصيدنايا وفلسطين عن اتباع النظام المجرم لوسيلة أكثر وحشية من أجل تثبيت التهم التي يريدونها على المعتقلين، وذلك عبر حرقهم داخل غرف معدنية صُمّمت لهذا الغرض، في طريقة تحاكي وسائل التعذيب لمحاكمة التفتيش التي كانت تستخدم في أوروبا في العصور الوسطى.
يقول المعتقل السابق وليد عنجراني في فرع فلسطين في حديثه: كان منظراً رهيباً عندما أحضروا زميلنا في المهجع علي إلى المهجع بلا مؤخرة وجسده مليء بحروق من الدرجة الثانية على أقل تقدير، لقد أخبرنا، أنهم وضعوه داخل خزان مياه مغلق كالذي نستخدمه في المنازل، وأغلقوا عليه باب الخزان الذي كان موضوعاً أصلاً في باحة السجن تحت شمس الصيف الحارقة”.
كان الرجل بالكاد يتحدث، ولكن كلامه كان مرعباً وشكله مرعب أكثر، كان جلده قد تحول بالكامل إلى اللون الأحمر القاتم أما من الخلف فلم يكن هناك مؤخرة، كان هناك فقط بضع كُتل لحمية انكمشت إلى بعضها البعض، كانت آخر كلماته لنا اعترفت ما قدرت ما اعترف حكيتلن يلي بدن ياه. لقد واجه تهمة توريد السلاح لفصائل المعارضة والمساهمة في الهجمات على المواقع العسكرية، ورغم أنه معارض للنظام إلا أن الرجل لم يحمل السلاح يوماً”.
أما محمد كيالي وهو معتقل شهد حادثة الخزان أيضاً، فقد قال: “بعد يومين من وضع زميلنا (علي) في الخزان وبينما كان الرجل على حافة الموت أصلاً، فُتح باب الزنزانة منتصف الليل وأخرجوه من المهجع، لم نره منذ ذلك الحين”.
وأردف” كلنا يعلم أنهم قتلوه ورموا جثته حاله كحال المئات ممن قاموا بتصفيتهم ،لم يكن الخزّان هو الوسيلة الإجرامية الوحيدة التي جعلتنا نرتجف من شدة الهلع والخوف، لقد شهدنا في إحدى المرات جلد أحدهم بقشاط محرك، وهو قطعة جلدية سميكة جداً من المطاط القاسي، ومسؤولة عن ربط المحرك بمسننات ناقل الحركة، لقد كان لحم الشخص يتطاير في كل ضربة تنهال على جسده، حدث كل شيء أمامنا وكنا نشاهد كيف دماؤه غطّت جدران الممر حيث يتم تعذيبه، كانوا يحاولون بشتى الوسائل جعلنا ننهار نفسياً”.
أوضح المعتقل السابق في صيدنايا زياد سرية، أن كل ما ذكر عن وسائل التعذيب صحيح، مشيراً إلى أنه وفي سجن صيدنايا وخلال فترة اعتقاله، تعمّد السجّانون وضع المعتقلين على الإسفلت الساخن، وذلك خلال عمليات إصلاح الباحة، معبراً عن ذلك بالقول (لقد كان المعتقلون حينها هم أصحاب الأخدود الجدد، لقد مات كثيرون يومها بسبب تعرضهم لحروق شديدة وخاصة في الجزء الخلفي من أجسادهم.
وعن وسائل التعذيب الأخرى، تحدث (سرية) أن عناصر النظام لم يتركوا وسيلة إلا ومارسوها على المعتقلين، فمن الضرب بالمطارق الحديدية والسلاسل إلى قرض شحمة الأذن، وصولاً لوضع نصل سكين بين الحلق والرقبة، في مشهد مستوحى من تعذيب الرومانيين القدامى، حيث كان يعذّب الرومان بهذه الطريقة كل من يتكلم على الكنيسة (حتى التوبة)، أما هنا فيعذب بالزجاج كل من تكلم عن بشار الأسد.
وسبق أن وثق ناشطون شهادات ناجين من الموت خرجوا من أقبية النظام وسجون حلفائه كان آخرها شهادة المعتقل السابق مصطفى الحميد الذي كشف النقاب عن سجن إيران السرّي يُدعى سجن الهنغار، يقع في ريف حلب الجنوبي في جبل الواحة المطل على مدينة السفيرة.
وقبل حوالي شهرين كشف تحقيق لـ المركز السوري للعدالة والمساءلة أدلة جديدة على ارتكاب النظام السوري وميليشياته جرائم إحراق جثث المعارضين والتخلص من الرفات البشري بعد عمليات الإعدام الميداني، ما يثبت بالأدلة القاطعة منهجية أمن النظام بارتكاب كبرى الجرائم تجاه السوريين بشكل ممنهج وبحضور كبار ضباطها.