سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
بالدخول إلى حارات دمشق القديمة أو أي مدينة سورية يتوقف الزمن وتهب نفحات من أصالة الماضي وتراث الياسمين المعربش على جدران وحجارة الأمكنة التي تروي قصصا لا تنتهي عن عشق أهلها لهذا الإرث التاريخي العريق والمتجدد وكيف حولوا الحجر إلى متاحف طبيعية أذهلت زوارها فأطلقوا عليها صفات لا تنتهي مستوحاة من التاريخ والجمال.
وحتى يتمتع الزائر بأجواء المدين العريقة لابد له أن يجلس فيها ويراقب تفاصيلها عن كثب وهو ما تقدمه مطاعم سورية القديمة التراثية والحديثة التي كانت بيوتا جميلة قديمة تختبىء فيها عراقة الماضي وما فعله أصحابها أو محبو التراث القديم هو أنهم شرعوا أبوابها الخشبية المغلقة لأهل المدينة وزوارها ليستمتعوا بهذا السحر ومزجوا بين أجواء الماضي والحاضر في جو من التآلف الرائع لنسيج مدن سوريا المتنوع.
واليوم في ظل نظام همجي قمعي وسياساته الغبية تكاد تخلو من تلك النكهة الزكية.
فقد قال رئيس شعبة المطاعم في غرفة سياحة دمشق التابع للنظام السوري ماهر الخطيب، إن أسعار المواد التشغيلية اللازمة للمطاعم ارتفعت بشكل قياسي خلال الشهرين الأخيرين، وأوضح أن أغلب المطاعم والمنشآت السياحية لم تحصل على مخصصاتها من المحروقات منذ حوالي 6 أشهر، ما جعل قسماً كبيراً يتجه للإغلاق أو تخفيض أيام وساعات العمل، كل ذلك ترافق مع أزمة تقنين كهربائي طويل في أحياء العاصمة، ما زاد الأمور تعقيداً على أصحاب المطاعم والمتنزهات.
وقال محمد عبد الرحيم صاحب أحد المطاعم في دمشق: إن المواد الأولية والكلف التشغيلية التي تحتاجها المطاعم من غاز وخضار وفواكه ولحوم ومواد تنظيف وغيرها ارتفعت بنسبة 100%، كما إن واقع التقنين الطويل للكهرباء في العاصمة اضطرّنا إلى الاعتماد على تشغيل مولّداتنا الكهربائية الخاصة وشراء المازوت من السوق السوداء بأسعار 13 ألفاً لليتر الواحد، مما كلفنا مبالغ كبيرة جداً كنا بالسابق في غنى عنها واضطرّنا لرفع الأسعار على الزبائن.
وأضاف “إننا لتشغيل المولدة لعشر ساعات مثلاً في اليوم نحتاج حوالي 500 ألف ليرة سورية، ونواجه مشاكل كبيرة في حفظ اللحوم والفروج والخضار في البرادات لأنها بحاجة لساعات تشغيل طويلة وهذا يكلفنا الكثير من المال في ظل عزوف طبقة كبيرة من الناس عن ارتياد المطاعم أو شراء وجبات جاهزة نتيجة ضعف القدرة الشرائية والمعاناة الاقتصادية لمعظم شرائح المجتمع”.
من جهته قال مازن محمد صاحب مطعم في منطقة دمشق القديمة ” إننا نواجه مشكلة كبيرة في توفير الغاز في مطاعمنا للقيام بأعمال الطبخ والشوي، وبلغ سعر أسطوانة الغاز الصناعي حوالي 400 ألف ليرة في السوق السوداء هذا في حال توفرها لأننا نعاني كثيراً للحصول عليها”
وأضاف” أننا نتيجة الكلف الكثيرة التي تحملناها في شراء المواد الأولية والمحروقات في الفترة الأخيرة تكبدنا خسائر كبيرة، ما جعلنا نصرف عدداً من عمالنا ونكتفي بعامل واحد أو اثنين ونعمل بالحدود الدنيا لنعيل أسرنا، ومع أننا رفعنا الأسعار لحدود 35% لاستيعاب خسائرنا إلى أن كل ذلك لم يفيدنا”
بدوره قال محمد آل رشي من سكان حي ركن الدين الدمشقي، إن ارتياد المطاعم أو شراء وجبات جاهزة منه بات محصوراً لفئة قليلة من المواطنين لا تتجاوز الـ10%، لأن أي شخص يحتاج لمبلغ 50 ألف وسطياً لتناول وجبة رئيسية مع القليل من المقبلات في مطعم بالعاصمة.
واعترفت مواقع موالية للنظام السوري بخسائر المطاعم، وأكد تقرير لموقع “بزنس2 بزنس” إن ما يزيد عن 20% من المطاعم أغلقت أبوابها نتيجة ارتفاع تكاليف الاستثمار، وأكدت أن عدداً كبيراً منها اتجهت إلى تقنين ساعات العمل لتوفير مصاريفها، فبدلاً من 8 ساعات باتت تعمل لـ6 ساعات فقط، وأوضحت أن المطعم من 20 كرسياً فما فوق، يحتاج إلى 3 ملايين ليرة أسبوعياً ما بين مصاريف كهرباء وأجور يد عاملة وذلك دون احتساب تكلفة الاستثمار .
لتختفي مع إغلاق المطاعم السورية نكهة المطعم السوري العريق بسبب غباء سياسة النظام السوري.