شرق أوسط – مروان مجيد الشيخ عيسى
على مدار شهر استمتع العالم بمباريات كأس العالم وهو ينتظر بشغف من سيحمل لقب بطل العالم هذه متعة طبيعية لجماهير أحبت كرة القدم ،فمن حق كل مشجع أن يحلم بفوز فريقه المفضل ، إلا أن التتويج كان مختلفا هذه المرة بالنسبة لنا كعرب ومسلمين بالإضافة لتتويج البطل في هذه اللعبة توجت قطر أيضا كبطل مثلنا ،برقي التنظيم وفي حسن إدارة هذه الفعالية الكبيرة ،فكل يوم كانت تفاجئ الجماهير بترتيب جديد كسرت به رتابة التنظيم في نسخ سابقة من المونديال. فكانت حصة المشجع العربي من الفرح بأنها مع انطلاق صافرة انتهاء المباراة النهائية حسمت الجدل الذي أثاره بعض المتعصبين الغربيين ومن لف لفيفهم بأن العرب ليس لديهم القدرة على استضافة هكذا فعاليات عالمية ،بل على العكس من ذلك فاليوم عاد المشجعون الأجانب إلى بلدانهم من النافذة التي فتحتها قطر في الجدار الباذخ الصلابة ،الذي بناه الإعلام الممالئ لأعداء الفطرة الإنسانية بين الإنسان الغربي والعالم الإسلامي وهم يحملون صورة جديدة للمسلم العربي الحضاري الذي يصنع الحياة بإحترافية، الإنسان المستعد بكل شجاعة لاقتسام أسباب فرحه مع العالم بكل اتساعة وبكل مشاربه وتنوعه ،وهذه هي الحقيقة التي هشمت الصورة المشوهة للشرق ، ذاتها التي جعلت ماكرون أيضا يمشي اليوم في المستطيل الأخضر دون حراسة شخصية وفي أمان تام ناسيا اتهامنا يوما بالإرهاب .
مبارك قطر على المونديال الرائع
هناك الكثير من الأمور التي أفرزها المونديال باحترافية عالية وعلى جميع الأصعدة .
كانت هناك خطة مدروسة لإحباط الفريق المغربي كي لايصل إلى أكثر مما وصل إليه .
ويكفي أن الكيان الصهيوني اعترف أنه أكبر الخاسرين في هذا المونديال على الرغم من عدم مشاركته ، وذلك بسبب الشعارات والأعلام الفلسطينية التي رفعت وساهمت في إسقاط التطبيع مع الصهاينة .
صحيح أن المنتخب المغربي كان يلعب كرة ، ولكن اللاعبين بأقدامهم كانوا يلعبون سياسة ، فحذاء اللاعب المغربي قدم خدمة للقضية العربية أكثر بكثير مما قدمته الأنظمة الدكتاتورية.
ولم تقتصر حملة العداء على الفريق المغربي فقط ، إنما كانت هناك حملة موازية تستهدف الدولة المضيفة ( قطر ) لأن الكثير من مفرزات المونديال جاءت بقيم جديدة وأخلاق جديدة وشعارات جديدة . وهذه القيم لاتعجب البعض ممن كانوا يريدون للعلم الفلسطيني ألايرفع ، ويريدون للقيم والعادات والتقاليد أن لا تترسخ .
حتى على صعيد التجارب الشخصية ، فهناك لقطات للكثير من الزوار والمسئولين واللاعبين الذين جاؤوا من الخارج ودخلوا في تجارب كان لها معنى إنساني وأثر كبير خلال إقامتهم في قطر ، فعلى سبيل المثال هناك زائر أجنبي ذهب لزيارة أحد الاشخاص فأخطأ في العنوان ودخل منزل عائلة قطرية ، فتفاحأ بأن أهل البيت استقبلوه بالترحاب ولم يطلقوا عليه النار كما كان يعتقد لو أنه فعل ذلك في بلده ، فخرج مندهش وهو يرى أن أبواب البيوت مفتوحة للجميع وغير مغلقة، وتلك قيم جديدة لم تكن مألوفة لدى الغرب ،كما أن قضية قيام لاعب مغربي بالركض بين فترة وأخرى لتقبيل يد أمه تلك قضية جديدة، لم تكن تحصل بتاريخ كأس العالم منذ قيامه .
لذلك نستطيع القول أن المونديال بلاعبيه بمواقفه بتنظيمه وقد قدم خدمة كبيرة للعالم العربي ،بعاداته وتقاليده وقيمه الراقية ، وهو بالتالي قد نجح بامتياز شاء من شاء وأبى من أبى .