الحسكة – مروان مجيد الشيخ عيسى
تواجه زراعة القمح في الحسكة التي كانت إلى وقت قريب سلة غذاء سورية تراجعا مطردا نتيجة العديد من العوامل التي كان لها تأثير سلبي على بقية الزراعات في عموم منطقة شرقي نهر الفرات في شمال شرقي سورية
ولا تزال مراكز استلام القمح تتسلم المحصول من الفلاحين وبالتالي لم تظهر بعد أرقام الإنتاج لهذا الموسم إلا أن المعطيات تؤكد أن الانهيار لم يتوقف لهذه الزراعة الاستراتيجية.
وكانت الحسكة تسهم وحدها بنحو ٦٥% من إنتاج القمح في سورية قبل العام ٢٠١١ والذي كان يصل إلى أكثر من ٤ملايين طن في الموسم الواحد قبل أن يتراجع خلال السنوات الفائتة إلى نحو مليون و ٢٠٠ ألف طن في عموم البلاد ولم يصل إنتاج الحسكة من القمح في الموسم الفائت إلى نحو ٥٠٠ ألف طن بينما وصل في بعض السنوات التي أعقبت الثورة التي بدأت عام ٢٠١١ إلى نحو ٨٠٠ ألف طن.
ولعبت العديد من العوامل أدوارا في تراجع الإنتاج في عاصمة الزراعية السورية والتي كانت قبل سنوات سلة الغذاء الرئيسية في البلاد فالتغير المناخي وانحباس المطر أو ندرته وعدم توزيع القمح على الدورة الإنتاجية أسباب رئيسية لتراجع القمح في الحسكة أما الأسباب أخرى أهمها عدم توفير مدخلات العمل الزراعي بشكل جيد من بذور ومحروقات للري وأسمدة ومبيدات والآليات الزراعية فهناك عزوف من قبل الفلاحين عن زراعة محصول القمح لكون مخاطر كثيرة تحيط بها ومنها الحرائق التي تتكرر في كل موسم وسوء الأوضاع الأمنية فضلا عن ارتفاع تكاليف الإنتاج وتدني أسعار الشراء التي لا تتناسب مع هذه التكاليف.
وكانت الإدارة الذاتية حددت شراء كيلو القمح بـ ٢٢٠٠ ليرة سورية نحو نصف دولار أميركي ويتفاوت هذا السعر حسب جودة المنتج لجهة نقاوته وخلوه من الشوائب.
وإنتاج القمح في الحسكة اختلف من منطقة إلى أخرى طبقاً لري المياه ومعدل هطول الأمطار وإن كان الفلاح قد استخدم السماد أو لا فمنطقتي عامودا والدرباسية سجلتا أعلى إنتاج في الموسم الحالي قارب ٣٠٠ كيلوغرام للدونم الواحد ومناطق ريف الحسكة والقامشلي وتل براك نحو ٢٥٠ كيلوغراما ومناطق الريف الجنوبي والشرقي نحو ١٩٠ كيلوغراما للدونم الواحد فتراجع إنتاج القمح في الحسكة مرده إلى الظروف الأمنية السيئة نتيجة الحروب التي يشهدها الشمال الشرقي من سورية بين قوات سورية الديمقراطية والفصائل الموالية لتركيا فالأوضاع المعيشية الصعبة تؤدي إلى امتناع الفلاحين عن زراعة القمح نتيجة ارتفاع التكاليف.
وموجة الجفاف وخروج الكثير من الآبار الأرتوازية عن الخدمة أسباب أخرى لتراجع المساحات المزروعة حيث خرجت آلاف الهيكتارات المخصصة لزراعة القمح من الموسم ومن ثم كان انخفاض الإنتاجية
وتأتي الحسكة في المرتبة الثالثة بين المناطق السورية لجهة المساحة حيث تبلغ أكثر من ٢٣ ألف كيلومتر مربع وتتصل بحدود مع دولتين هما العراق شرقاً وتركيا شمالاً وتزرع في الحسكة أغلب المحاصيل الزراعية الاستراتيجية كالقطن والقمح والشعير والعدس وسواها
ولكن الحسكة الغنية بالثروات تعاني من أوضاع سياسية وعسكرية غير مستقرة حيث تندلع اشتباكات بشكل شبه يومي بين فصائل المعارضة السورية وقوات سوريا الديمقراطية في ريفها الشمالي الغربي في محيط بلدة رأس العين وكل هذه الأمور كانت سببا في تراجع سلة غذاء سوريا عن انتاجها الطبيعي.