هناك فرق كبير بين الربح والجشع وهذه الأخيرة انتشرت في سوريا منذ عقود ولم يجد لها رادع فقد تناقلت الأخبار مؤخرًا تحذيرات من مواد مسرطنة توضع في بعض أصناف البوظة من قبل شركات دخيلة على المهنة للمنافسة بالسعر وتوفير تكاليف السكر الباهظة وسمعنا قبلها عن زيوت وسمن منتهي الصلاحية وقبل ذلك عن قهوة مغشوشة بالقشور والمواد الرديئة
كل تلك لم تكن حالات نادرة أو مخالفات عرضية بل بات الحديث في سوريا حاليًا عن طراز حياة كامل يسري بهذا الشكل بحيث أن جودة المواد وسلامتها صحيًا لم تعد أولوية للمنتِج ولا حتى للمستهلك.
وفي سعي المستهلك السوري الدائم للحصول على المنتج الأرخص الذي يتناسب مع القوة الشرائية التالفة لعملته يضطر دائمًا أن يضع سلامته الصحية وسلامة عائلته قربانًا لذلك ليبتاع منتجات رديئة ورخيصة منها ما يبان ضرره فورًا وأغلبها على المدى المتوسط أو البعيد.
فمواصفات المنتجات الصناعات الغذائية في سورية وخاصة المحفوظة وأغذية الأطفال والمقرمشات والبسكويت والحلويات والمشروبات الغازية والأغذية التي تباع في الأسواق بطريقة مكشوفة وبعيدة عن التبريد وخاصة مع الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي ويتابع حالات التسمم الغذائي يدرك أن سلامة الغذاء في سورية بحاجة إلى التوقف والتأمل كثيراً.
فلماذا لدينا أفخم أنواع الخضروات والفواكه الطازجة وأسوأ المواد الغذائية المجففة منها ولماذا الخضروات والفواكه الطازجة السورية تطلب بالاسم من الدول العربية والأجنبية بينما تخزينها وتعليبها وتصنيعها في أسوأ حالاته كل ذلك على الرغم من أن معايير الجودة السورية متوفرة والقوانين التي من المفترض أن تحكم استيراد وإنتاج الغذاء موجودة أيضًا.
فسوريا لا ينقصها قرارات وتعاميم لتنفيذ سلامة الغذاء ولديها تخمة من القرارات منها يحدد آلية سحب العينات وقرارات تحدد الغذاء المغشوش والفاسد وتداول المواد الغذائية والحدود المسموحة للمواد الحافظة الإضافات وبطاقة البيان وآلية نقل اللحوم والمخابر المعتمدة والشروط الصحة للمكان والرقابة على المواد المستوردة والمواد المصدر.
ومع ذلك تجد العشرات من الإرسالياتُرفَض من قبل الدول المستوردة للمنتجات السورية كونها غير مطابقة للمواصفات أو لا تحمل شهادة جودة عالمية وهذا بالحديث عن المواد المصدرة أي نخبة الإنتاج السوري
فالشراكات السورية تقوم بتصنيع منتجات تحمل مواصفات خاصة للتصدير ومواصفات سيئة للأسواق المحلية عدا أن الشركات تتحجج بأن المواطن السوري إمكانياته محدودة واعتاد على شراء هذه الجودة المتدنية دون الخوف من العينات التي تحصل عليها المخابر للفحص بسبب قدرتهم على شراء نتائج التحليل ووضع الدوريات في الجيبة الصغيرة كما يصف البعض أما بالنسبة للمواد داخل البلاد فيكفي القول إن وزارة تموين النظام تدعي بأنها تسجل يومياً عشرات الضبوط لمواد ممنوعة وفاسدة وغير صالحة للاستهلاك البشري ومنتهية الصلاحية وغيرها من المخالفات الأخرى التي تجعل الشخص يفكر مئة مرة قبل أن يتجرأ على شراء أي سلعة.
هذا ونحن لا نتحدث عن المواد التي تباع في الحارات الفرعية والأسواق الشعبية من لحوم مجهولة المصدر وألبان وأجبان فاسدة صحيًا لعدم مراعاة أدنى شروط النظافة في تصنيعها فواجب كل مسؤول انسانيا أن يتابع هذه القضايا لكي يضع حلولا مناسبة توقف هكذا خطر إن لم يكن خوفا على الناس فخوفا من الله.