عام صعب وتطورات خطيرة.
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي والمختص بالشأن الأمريكي
د. حسين الديك
أن الحديث عن انفراجات سياسية في القضية الفلسطينية خلال العام 2025 يبدو مستبعداً في ظل الوضع السياسي المعقد الذي تعاني منه الساحة الفلسطينية، فيما ستنسحب الامور كما هي في العام 2024 مع تغييرات طفيفة.
أن هذا التعقيد ينبع من عدة عوامل رئيسية، أبرزها الانقسامات الداخلية الفلسطينية، والسياسات الإسرائيلية الاستيطانية، والدعم الدولي الذي يتلقاه الاحتلال، خصوصاً من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
فحقيقة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ليس نزاعاً سياسياً عادياً، بل هو صراع وجودي بين الفلسطينيين الذين يسعون للحفاظ على وجودهم على أرضهم، وبين احتلال استيطاني استعماري يستند إلى أيديولوجيات سياسية ودينية متطرفة.
و الدعم الدولي للاحتلال، الذي تقوده القوى الكبرى منذ الحرب العالمية الثانية، يمثل عقبة رئيسية أمام تحقيق أي تقدم سياسي للقضية الفلسطينية.
أن العام 2025 سيشهد تصعيداً كبيراً في الضفة الغربية، وسوف تصبح ساحة الحرب القادمة في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
و أن الهجمة الاستيطانية التي تقودها الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، المدعومة بغطاء من الولايات المتحدة، ستتصاعد بشكل كبير.
فالمستوطنين، الذين يتحركون كميليشيات مدعومة من الجيش والشرطة الإسرائيليين، يسعون للسيطرة على المزيد من أراضي الضفة.
و أن الضفة الغربية قد تشهد في العام 2025، صدامات عنيفة بين المواطنين الفلسطينيين وعصابات المستوطنين، خاصة في المناطق الريفية والجبال، حيث أن هذه الصدامات ستكون نتيجة مباشرة لمحاولات الاحتلال فرض سيطرته الكاملة على الأراضي الفلسطينية، ما يعكس غياب أي أفق لحل سياسي.
وفيما يتعلق بقطاع غزة، فمن المتوقع أن يشهد العام 2025، هدنة مؤقتة قد تؤدي إلى وقف إطلاق نار لفترة محدودة، لكن إسرائيل لا تسعى لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار، بل تعمل على تحقيق أهداف استراتيجية تتمثل في تدمير المقاومة الفلسطينية وتهجير أكبر عدد ممكن من سكان القطاع.
ومازالت إسرائيل تسعى لتحقيق هذا الهدف إما من خلال التهجير القسري أو عبر فتح المعابر لإفساح المجال أمام التهجير الطوعي.
و أن هذه السياسات تهدف إلى ضمان ألا يشكل قطاع غزة تهديداً مستقبلياً للأمن القومي الإسرائيلي، كما أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية تعتبر السيطرة الكاملة على غزة جزءاً من أهدافها الاستراتيجية لتحقيق ما يُعرف بـ”إسرائيل الكبرى”.
وعلى صعيد حلم إقامة الدولة الفلسطينية، فأن هذا الحلم يبدو بعيد المنال في ظل الظروف السياسية الحالية.
أن الانقسامات الداخلية بين الفصائل الفلسطينية، سواء داخل منظمة التحرير أو خارجها، تساهم بشكل كبير في تعقيد المشهد، كما أن المؤسسات التمثيلية للشعب الفلسطيني، مثل المجلس التشريعي ومنظمة التحرير، ما زالت تعاني من غياب العملية الديمقراطية وعدم إجراء انتخابات دورية.
أن الانقسام الفلسطيني المستمر يُضعف الموقف الفلسطيني على الساحة الدولية، ويزيد من تعقيد الجهود الرامية لتحقيق أي تقدم نحو إقامة الدولة الفلسطينية.
إضافة الى ذلك فان الوضع الإقليمي العربي يتمثل بالداعم الخجول، الذي يخضع لتوازنات ومصالح الدول الكبرى، خصوصاً الولايات المتحدة.
أن وعود المجتمع الدولي، التي تقدمها القوى الكبرى للفلسطينيين تظل مجرد شعارات غير قابلة للتنفيذ.
وهناك تجارب سابقة، مثل وعود إقامة الدولة الفلسطينية بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، وطرح خارطة الطريق عام 2002، التي لم تُترجم إلى أي تقدم حقيقي على الأرض.
وبكل اسف العالم ما زال محكوماً بلغة المصالح، حيث تتحكم الولايات المتحدة بمواقف العديد من الدول بينها الدول العربية، مما يعيق أي دعم حقيقي للقضية الفلسطينية.
ومن الواضح أن العام 2025 لن يحمل انفراجات سياسية، بل سيشهد المزيد من التصعيد في الضفة الغربية وقطاع غزة.
و أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي بسياساته الاستيطانية ودعم القوى الكبرى له يجعل من تحقيق أي تقدم سياسي أمراً مستبعداً.
فالشعب الفلسطيني سيظل يواجه تحديات كبيرة، تتطلب وحدة داخلية وجهوداً مكثفة على المستويين السياسي والميداني لمواجهة الاحتلال وسياساته التوسعية.