لو قرأنا تاريخ إيران منذ القديم بتمعن وبصيرة لوجدنا ذلك الحقد الأسود الدفين حتى على شعوبهم فلقد ادعى الخميني في بداية استلامه زمام الأمور أن الشاه كان يرغب في أن يعتمد المسلمون على الكفار حتى في الحصول على خبزهم اليومي وتهميش قطاع الزراعة الذي يضرب فيه الإسلام بجذور عميقة وعليه عمد الخميني ومن خلفوه إلى تطبيق سياسة رديئة تقوم على بناء سدود صغيرة على الأنهار والبحيرات من أجل إنتاج محاصيل منخفضة السعر وتسبب ذلك في أضرار فادحة للتوازن البيئي داخل البلاد علاوة على الاختفاء الفعلي لما يزيد على ٢٠٠ من الأنهار والبحيرات إضافة إلى أضخم بحيرات البلاد وعدد من الأنهار الكبيرة الأخرى وكانت مسألة دفع المرأة إلى الحياة العامة واحدة على رأس أولويات الشاه وكانت النساء الإيرانيات من بين أولى نساء العالم المسلم اللائي حصلن على حق التصويت ونيل مناصب عامة رفيعة مثل عضوية البرلمان ومناصب وزارية وسفيرات بل وحتى داخل الجيش والشرطة والقوات الجوية.
ففي عام ١٩٧٩ عندما استولى الملالي على السلطة كان نصيب النساء من أعلى ٢٠٠٠ وظيفة عامة بالبلاد حوالي ١٧ في المائة ومنذ ذلك الوقت تراجعت هذه النسبة في ظل الحكم الخميني إلى ٣في المائة فقط بحلول عام ٢٠٢١ ومع هذا يتعلق الاختلاف الأكبر وربما الأهم بين سياسات إيران في عهد الشاه وخلال الحكم الخميني بقضية محورية هي الهوية الوطنية عام ١٩٧٩ ربما كانت إيران الدولة الوحيدة بالمنطقة التي تتمتع بإجماع واسع حول طبيعة هويتها كدولة قومية
فقد كانت هذه الهوية قد تشكلت على مدار ما يقرب من خمسة قرون واكتملت أركانها بقيام الثورة الدستورية ع وتشكيل أولى مؤسسات الدولة على النسق الغربي والإصلاحات التي نفذها رضا شاه بهلوي والتقدم الإقتصادي والاجتماعي في عهد نجله محمد رضا شاه.
وحملت هذه الجهود شعار الوحدة في التنوع وهو شعار اعتمد في جزء منه على قراءة نصف تاريخية ونصف أسطورية لتاريخ إيران الطويل ومصممة للوصول بالاختلافات الضيقة داخل المجتمع إلى أدنى حد ممكن وتعزيز الصورة النمطية للرجل أو المرأة الإيرانية تحت مسمى الوطنية وميهان وهي كلمة تصعب ترجمتها لكنها تشير إلى الانتماء لوطن واحد.
على النقيض نجد أن الخميني أنكر هذه الفكرة من الأساس وشدد على أنه لا وجود لأمة إيرانية وعلى هوية جمهوريته الإسلامية مشيراً إلى أن الإيرانيين جزء من أمة إسلامية عالمية.
وبدأ هذا الموقف في إحداث فرقة في صفوف الإيرانيين ما بين المسلمين وغير المسلمين ثم زاد الخميني هذا التقسيم إلى شيعة وسنة وبعد ذلك قسم الشيعة إلى اثني عشرية وآخرين وبعدها جاء الدور على الإثني عشرية ليقسموا أنفسهم بين أصوليين وإخباريين وبعد هذا جرى تقسيم الأصوليين الذين من المفترض أنهم يشكلون لب قاعدة النظام إلى ولائيين بمعنى من يؤمنون بمبدأ ولاية الفقيه أو حكم رجال الدين والتقليديين الذين لم يقروا النظام الجديد.
إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى