لم تكن تجارة المخدرات أمرا جديدا ، ولكن انتشارها في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة ، شكل إمبراطوريات للمخدرات لم يعد بالإمكان السيطرة عليها ، ويصعب التنبؤ بسقوطها ، سنوات الحرب العشر الأخيرة ، غيرت الكثير في سوريا ،بينما حافظت عائلة الأسد على قبضتها على السلطة ، وجرعت الشعب السوري الويلات ، وجعلت من سوريا سوقا لصناعة المخدرات وتهريبها ،ويعود كل هذا للدعم الذي تقدمه كل من روسيا وإيران المتورطتين في ذات الموضوع ، وتقدم كل الدعم للنظام وتسهل عملية التهريب له ،فالعقوبات الاقتصادية المفروضة على آل الأسد جففت مواردهم المالية،فكان لابد من إيجاد مورد مادي تعتاش منه ،فجعلت من تجارة المخدرات مهنة لها فشكلت إمبراطورية وسوقا رئيسا لتهريب المخدرات إلى كافة دول الجوار بأبشع الطرق تارة في حشو الخضروات والفواكه وتارة في حليب وحفوظات الأطفال وتارة في أحشاء خراف حية، وأخر طرق التفنن بتهريب المخدرات حشو حجر الباطون وتهريبها عن طريق تركيا إلى دول الخليج ، فمن خلال شبكاته العسكرية وأقاربه جعل الأسد من سوريا الراعي الأول لتصدير المخدرات.
تشمل عمليات صناعة المخدرات في سوريا ،مراحل الإنتاج والتهريب كافة ،حيث تنتج مصانع الأسد بشكل خاص وكبير حبوب “الكبتاغون ” المشتقة من مادة الأمفيتامين المنشطة والمسببة للإدمان ،حيث تحضر الحبوب وتجهز للتصدير ،ليتولى حلفاء الأسد ووكلاؤه بيعها في الأسواق الخارجية.
وبحسب معلومات أوردتها صحيفة نييورك تايمز الأمريكية ،أن لآل الأسد شركاء متنفذين ومقربين من العائلة هم المتورطون بصناعة وترويج حبوب “الكبتاغون” الأمر الذي يدفعنا للقول أنه سوف تكون سوريا راعية لتجارة المخدرات في حوض البحر المتوسط ، وتعتبر لبنان سوقا كبيرا لبيت الأسد ، يصرفون فيها بضاعتهم من حبوب “الكبتاغون”.
وأشارت نيويورك تايمز إلى أن تحقيقها الذي استند إلى معلومات من مسؤولي إنفاذ القانون في 10 دول، وعشرات المقابلات مع خبراء دوليين وإقليميين وسوريين لديهم معرفة بتجارة المخدرات ومسؤولين أميركيين حاليين وسابقين؛ كشفوا أن الكثير من عمليات الإنتاج والتوزيع تشرف عليها الفرقة الرابعة في الجيش النظام ، وهي وحدة النخبة بقيادة ماهر الأسد الأخ الأصغر للرئيس وهو واحد من أكبر المتنفذين في البلد.
ومن بين اللاعبيين الأساسيين في تصنيع وتهريب المخدرات رجال أعمال تربطهم صلات وثيقة بحكومة النظام ، وميليشيات حزب الله اللبنانية المسلحة.
وتؤكد الدراسات أن تجارة المخدرات الغير قانونية باتت مورد الصادر الأكثر قيمة في سوريا ،وأكثر من السلع القانونية ،فتشكل هذه التجارة مصدر رزق كبير لحكومة النظام ،تصنيع المخدرات بكميات هائلة وكبيرة جعل منها مادة سهلة المنال، وعلى مرأى من الجميع.
بداية رحلة التصنيع :
مع اندلاع شرارة الحرب في سوريا ، استغل المهربون الفوضى في البلاد لبيع الكبتاغون للمحاربين ، وأخذ بعض السوريون بالتعامل مع عدد من الصيادلة المحليين لتصنيع هذه الحبوب بآلات معامل الأدوية المهجورة.
وفي ظل الانهيار الاقتصادي الذي فاقمته العقوبات الدولية على النظام ورجالاته، لجأ بعض هؤلاء إلى الاستثمار في صناعة “الكبتاغون”، فنشأ كارتل مرتبط بالنظام يضم أقارب لبشار الأسد، ومسؤولين أمنيين، وقادة ميليشيات، وتجاراً توقفت أعمالهم بسبب الحرب.
وعلى ضوء كل العوامل توفرت في سوريا الأرضية الخصبة لصناعة المواد المخدرة وعلى رأسها
” الكبتاغون”، الأراضي التي تزرع بها الحشائش التي تصنع منها المواد المخدرة في أغلب المحافظات السورية ، وخبراء الكبتاغون ،والمعامل المصنعة ومكان التخزين ، والتفنن بعدها بطرق التهريب ،
ومرافئ متصلة بممرات الشحن في البحر الأبيض المتوسط، وطرق تهريب برية إلى الأردن ولبنان والعراق، كللتها حماية أمنية من الدولة.
تنقل جميع المواد المخدرة إلى مناطق حدودية مع لبنان والتي تسيطر عليها ميليشيات حزب الله وإلى المناطق المجاورة لميناء اللاذقية ، غالبيتها مصانع صغيرة مقامة في هنغارات من حديد أو في فيلات أوشاليهات مهجورة أو تم الاستيلاء عليها ، تصنع فيها الحبوب بآلات بسيطة، وفق ما أفاده العديد من السوريين الذين يسكنون بالقرب من تلك المناطق .
كما أن بعضها يخضع لحراسة أمنية من قبل جنود النظام، فيما وضعت أمام منشآت أخرى لافتات تفيد بأنها مواقع عسكرية مغلقة.
“الكبتاغون ” تحت الحراسة الأمنية:
تتم عملية التصنيع ومن ثم تخبأ حبوب “الكبتاغون” في قاع حاويات الشحن، أو في عبوات الحليب والشاي والصابون، أو في شحنات العنب والليمون والرمان، وغيرها من المعدات،و تهرب براً إلى الأردن ولبنان، حيث يصدر بعضها عبر مطار بيروت الدولي، أو مرافئ لبنان البحرية، أما الشحنات الأكبر فتخرج من سوريا عن طريق مرفأ اللاذقية.
سوريا باتت كسوق النخاسة كثرت فيه الجواري فانخفض الثمن ، الكبتاغون في متناول الجميع ، يبدو أن التوعية من خطر المخدرات لم يعد يجدي نفعا ،طالما هرم البلاد من استباح تصنيعه.
إعداد: دريمس أحمد