وثائق سرية تكشف مراحل التطبيع العربي مع النظام السوري

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

بعدما شهدت المنطقة العربية مراحل شد وجذب باتجاه تطوير العلاقات لبعض الأنظمة العربية مع النظام السوري، ضاربة بما حل بالشعب السوري من مآسي عرض الحائط ،فقد وضحت تقارير نشرتها وسائل إعلامية بالوثائق مراحل التطبيع العربي مع النظام السوري، وذلك مع تسارع الخطوات لاتخاذ قرار عربي بإعادة سوريا إلى الجامعة العربية، قبل انعقاد القمة العربية في السعودية في 19 من الشهر الحالي.

وتضمن التقرير وثائق سرّية لمسودة الورقة الأردنية، ومقاربة خطوة مقابل خطوة، وجدول زمني لتطبيق تصور الحل في سوريا إضافة إلى جزء من مباحثات الاجتماع الوزاري الخماسي في الأردن.

وكانت دول عربية عدّة قد استأنفت علاقاتها الدبلوماسية مع النظام السوري في عام 2018، من بينها الأردن، نتيجة عبء اللاجئين السوريين وتدفق الكبتاغون والمخدرات والسلاح عبر الحدود، إضافة إلى القلق من تنامي الدور الإيراني قرب حدوده.

وأعدّ الأردن في 2021 ورقة رسمية، تضمنت تصورها للحل في سوريا، وتم مناقشتها بشكل منفصل مع الرئيسين الأميركي بايدن والروسي فلاديمير بوتين، وتضمنت الورقة قراءة للواقع السوري وتقديم مقاربة خطوة مقابل خطوة. 

وتنص الورقة أن لا حل عسكرياً في سوريا، وأن تغيير النظام ليس غرضاً مؤثراً في حد ذاته، والهدف المعلن هو إيجاد حل سياسي على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254. 

وتشير إلى أن النهج الراهن يزيد معاناة السوريين وتمدد تنظيم الدولة “د ا ع ش”، كما إنه يسمح بأن تستمر إيران في فرض نفوذها الاقتصادي والعسكري على النظام وعلى أجزاء حيوية عدة في سوريا.

وتتضمن الورقة الأردنية مقاربة تستهدف تغييراً تدريجياً في سلوك النظام مقابل حوافز يجري تحديدها بعناية لصالح الشعب السوري، ووفق هذه المقاربة، يتم تحديد العروض المقدمة إلى النظام مقابل المطالب منه.

وحسب الورقة، يُطلب من النظام وفق جدول زمني محدد ضمان وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود مقابل تسهيل قوافل الأمم المتحدة عبر الخطوط داخل سوريا، وتوفير البيئة المواتية للعودة الآمنة للنازحين واللاجئين. وفي المقابل، تغرق الدول النظام بمساعدات إضافية وتمويل مشاريع التعافي المبكر ومرور المساعدات عبر مناطق النظام.

وتشمل المطالب أيضاً المشاركة الإيجابية من النظام بتنفيذ القرار 2254، مقابل التخفيف التدريجي للعقوبات عنه ثم رفعها، وتسهيل عودة سوريا إلى المحافل الدولية واستعادة مكانتها في جامعة الدول العربية.

وفي مراحل لاحقة، يتناول البرنامج تعاوناً ضد تنظيم الدولة “د ا ع ش” وتبادل المعلومات الأمنية و وقف أنشطة الجماعات المتطرفة المرتبطة بإيران واستفزازاتها للطوائف السنيّة والأقليات العرقية في سوريا، وصولاً إلى المرحلة ما قبل الأخيرة التي تشمل إعلان وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، وانسحاب جميع العناصر غير السورية من خطوط المواجهة والمناطق الحدودية مع دول الجوار.

أما في المرحلة الأخيرة، التي لم يتم تحدد موعدها في هذه الورقة، فيُتوقّع أن يجري انسحاب جميع القوات الأجنبية من سوريا وفتح قنوات تنسيق بين ميليشيا النظام السوري والأجهزة العسكرية والأمنية في دول الجوار لضمان أمن الحدود مع سوريا.

وطرأت تعديلات على الورقة في خضم المتغيرات الدولية والإقليمية بما في ذلك الاتفاق السعودي الإيراني والغزو الروسي لأوكرانيا وإطلاق موسكو مساراً للتطبيع بين النظام وتركيا بمشاركة إيرانية.

وفي خضم كل ذلك، بدأ مسار إعادة العلاقات بين السعودية والنظام السوري، حيث زار وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد السعودية، وقبل أن يقوم نظيره السعودي فيصل بن فرحان بزيارة دمشق حيث التقى بشار الأسد في نيسان الماضي.

وأعقب ذلك، عقد اجتماع خماسي في عمّان لوزراء خارجية السعودية ومصر والأردن والعراق والنظام السوري مطلع الشهر الحالي، كنتيجة لخريطة طريق عربية سورية يتم العمل عليها، بهدف التوصل لحل في سوريا وإعادتها إلى الجامعة العربية.

أما اجتماع عمان فقد اختتم الاجتماع بإصدار بيان يؤيد أحد بنوده مقاربة خطوة مقابل خطوة، ليبدأ بعد ذلك عملية توسيع دائرة المؤيدين لعودة النظام إلى الجامعة من خلال تكثيف الاتصالات بين وزراء الخارجية العرب.

وأجرى وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن اتصالاً مع نظيره الأردني أيمن الصفدي، أكد فيه أن واشنطن لن تطبّع علاقاتها مع النظام، كما إنها لا تدعم قيام الدول الأخرى بتطبيع علاقاتها مع النظام قبل تحقيق تقدّم سياسي حقيقي تيسّره الأمم المتحدة ويتّفق مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254″.

وأشار التقرير إلى أن كثيراً من الأطراف العربية يرون أن إدارة الرئيس بايدن لم تعد تضع ثقلها السياسي كي تعرقل التطبيع، لافتاً إلى المحاولات العربية التي سهّلت المفاوضات الأمريكية مع النظام السوري في سلطنة عُمان بشأن الصحفي الأمريكي أوستن تايس المفقود في سوريا.

فهل ينسى العرب الجرائم التي ارتكبها النظام السوري طيلة العقد الماضي بحق الشعب السوري، لتتم العودة إلى المربع الأول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.