موقف الولايات المتحدة الأمريكية من التطبيع مع النظام السوري 

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

بعد مرور سنوات عديدة على خطوط أوبا الحمراء ،التي هدد بها النظام السوري إن استخدم السلاح الكيماوي ،لكن تكلك الخطوك أصبحت بيضاء بعد مرور سنوات على أكثر من 15جريمة كيماوي ومئات المجازر التي خلفت آلاف القتلى.

لكن هجمة التطبيع العربية وقبلها الإقليمية لم توافق عليها واشنطن لكنها لم ترفضها فعلياً، لأن التصريحات الأمريكية لم تعُد تشكّل رادعاً للدول كما كانت سابقاً، فالدبلوماسية الأمريكية فقدت مؤخراً الكثير من هيبتها في العالم عموماً وفي منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، وهذا الأمر نجم عن سوء تعاطي الإدارة الأمريكية مع ملفات المنطقة وعدم مراعاتها مصالح الحلفاء، أو الطعن بهم ببعض الأحيان، كما فعلت مع المملكة العربية السعودية بالحرب اليمنية، ومع معظم دول المنطقة عندما وقّعت إدارة الرئيس أوباما اتفاقاً نووياً هزيلاً مع إيران، الاتفاق ليس فقط لم يراعِ مصالح دول المنطقة وخاصة الحلفاء،بل شكل خرقاً للأمن الأمريكي الإستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط، وشكل تكراراً للعبث الأمريكي في العراق عندما سلمته الولايات المتحدة الأمريكية لإيران على طبق من ذهب.

المتابع للمطبخ السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية يلحظ أن مراكز صنع القرار فيه ليست جميعها على مسافة واحدة من ملفات منطقة الشرق الأوسط، وأن هناك تبايناً يصل لمرحلة الصِّدام أحياناً بين تلك المراكز وببعض الملفات, فالخلاف واضح بين الخارجية الأمريكية المتشددة والبيت الأبيض المتساهل بطريقة التعاطي مع الشأن السوري ،لكن الصراع حول طريقة إدارة الملف السوري يبدو أكبر ويصل لمرحلة الصدام بين البيت الأبيض والكونغرس الأمريكي بشقّيه مجلس الشيوخ ومجلس النواب، واللافت أن الحزبين الجمهوري والديمقراطي، يتشاركان الرأي بأن إدارة الرئيس بايدن ليس فقط أهملت قضية 24 مليون سوري وتركتهم لجلاد دمشق بشار الأسد وللقتلة في الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، بل إن تساهل البيت الأبيض والإحجام في كثير من الأوقات عن تطبيق القوانين الأمريكية النافذة الخاصة بالشأن السوري قد أضر بسمعة ومكانة ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية، والحرب الروسية على أوكرانيا أعطت مجالاً ومثالاً للمقارنة في طريقة التعاطي الأمريكية مع روسيا في أوكرانيا وكيف سحبت واشنطن خلفها قاطرة الاتحاد الأوروبي ودول حلف الناتو، مقارنة بترك سوريا فريسة لروسيا وإيران وحزب الله وكل أجهزة القمع والقتل الأسدية.

منذ أيام قليلة ظهر فوق طاولات الكونغرس الأمريكي مشروع قانون أُطلق عليه اسم قانون محاربة التطبيع مع نظام ‫الأسد لعام 2023″ بجهود مشتركة عمل عليها كثير من سيناتورات مجلس الشيوخ والنواب وملاحقة ومتابعة من التّحالف الأمريكي لأجل سورية— وهو مِظلّةٌ انضوت تحتها عشرة منظّمات أمريكية مختصّة بالشّأن السّوريّ وناشطة في العاصمة الأمريكية واشنطن قد أعلن في شهر شباط المنصرم أنه يعمل على مشاريع سيفصح عنها في حينها لمناصرة السّوريّين ولدعم جهود محاسبة نظام الأسد على ارتكاب جرائم حرب، وجرائم بحقّ الإنسانيّة، وانتهاكات لحقوق الإنسان في ‫سورية.

ينصّ مشروعُ القانون المقدم للكونغرس الأمريكي بتاريخ 11أيار الحالي: على أنّ سياسةَ الولايات المتّحدة هي ألا تعترفَ أو تُطبّعَ علاقاتها مع أية النظام لسوري يرأسها بشار الأسد، وذلك جرّاءَ جرائم نظام الأسد المستمرة بحقّ الشعب السّوريّ، ولفشلِ النّظام في تحقيق الشروط التي نصَّ عليها قانون قيصر لرفع العقوبات عنه، وأنّ للولايات المتّحدة أن تُعارضَ حكومتُها اعترافَ وتطبيعَ علاقات ِالدّول الأخرى أيضاً مع أيةِ حكومة سورية يرأسها بشار الأسد معارضةً فاعلة ونشطة، بما في ذلك عن طريق تطبيق العقوبات الإلزامية الأوّليّة والثّانويّة المنصوص عليها في قانون قيصر بحقّ المخالفين, وأن تستخدمَ حكومةُ الولايات المتحدة كافّة الصّلاحيات المتاحة لها بموجب قانون قيصر وغيره من القوانين الأمريكية لردع نشاطات إعادة الإعمار في المناطق التي تخضع لسيطرة بشار الأسد, كما يُحرّمُ القانونُ على أيّ مسؤولٍ أو موظّفٍ فيدرالي اتّخاذَ أيّ فعلٍ، أو صَرْفَ أيّ مبلغ ماليّ من شأنه أن يُشكّلَ أيّ اعترافٍ من قِبَلِ حكومةِ الولايات المتّحدة، صراحةً أو ضمناً، بأيّ شكل من الأشكال، ببشار الأسد، أو بأيّة حكومة سورية يرأسها بشار الأسد, وبنود أخرى تشدد على وقف التطبيع والمتابعة وتكلف وزير الخارجية الأمريكي بالتشارك مع وزير الخزانة بوضع الإجراءات التنفيذية لتطبيق القرار بعد التصديق عليه ومن ثم المراقبة والمتابعة وتقديم التقارير حول دقة التنفيذ.

القرار إن تمّ التصديق عليه في مجلسي الكونغرس وهو أمر متوقع نظراً لتوافق الحزبين على الطرح ومشاركتهما بعملية إعداد مشروع القرار سيشكل صدمة وتهديداً سياسياً واقتصادياً وقانونياً وأخلاقياً لكثير من الدول التي انتهجت مؤخراً خيار القبول بالأمر الواقع, أو لديها رغبة بإعادة تعويم نظام القتل في دمشق والتطبيع معه, رغبة بتحقيق مصالحها أو تطبيقاً لإجراءات تخفف من أعباء اللجوء السوري على أراضيها, رغم إدراك تلك الدول أن الشعب السوري الذي قدم التضحيات على مدار اكثر من 12 عاماً, لم يقدّم تلك التضحيات كلها من أجل استفادة بعض الدول بوقف مخدرات وكبتاغون الأسد, أو لاستفادة البعض الآخر بنتائج انتخابات, بل كان يهدف ويريد التخلص من منظومة حكم استبدادية استباحت البلاد والعباد وأرادت تحويل سورية أرضاً وشعباً لمستعمرة إيرانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.