شرق أوسط – مروان مجيد الشيخ عيسى
جهاز أمن الدولة اللبناني ألقى القبض على بشار عبد السعود، سوري الجنسية، ضمن حملة توقيفات لمن قيل إنهم أعضاء في “خلية تابعة لتنظيم الدولة (د ا ع ش) تنشط ما بين جنوب لبنان وبيروت، وفق الرواية التي قدمها الجهاز الأمني في الـ29 من أغسطس.
و”سبق للخلية،” بحسب زعم البيان، “أن قاتلت في سوريا، وانتقلت إلى لبنان بطريقة غير شرعيّة”.
وأضاف البيان أن أفراد الخلية “كانوا يقيمون أثناء توقيفهم في إحدى القرى الحدوديّة جنوبي البلاد”، وأن هذه المجموعة “سبق وأن أدارت شبكة لترويج العملات الأجنبية المزيّفة والمخدّرات، بهدف تمويل عملها ومهامّها”.
وقال جهاز الأمن اللبناني إن التحقيقات لا تزال جارية لكشف خيوط وأهداف الخلية.
وفجأة، في الـ 31 من أغسطس، أُعلنت وفاة أحد الموقوفين إثر نوبة قلبية استدعت نقله إلى المستشفى، حيث توفي، لتتكشف أمس عبر صحيفة “الأخبار” اللبنانية، تفاصيل عملية تعذيب أقدم عليها ضابط ومجموعة من عناصر مكتب جهاز أمن الدولة، جنوب لبنان، كانت السبب الرئيسي في وفاة الموقوف السوري.
وبحسب الصحيفة، “حاول المتورطون لفلفة الجريمة بالزعم تارة أنّ الموقوف، بشار عبد السعود، توفّي جراء إصابته بذبحة قلبية بعد تناوله حبّة كبتاغون، وتارة أخرى بسبب تعاطيه جرعة زائدة من المخدرات، فيما بيّنت معاينة الجثة أن الموقوف تعرّض لتعذيب وحشي أسفر عن إصابته بذبحة قلبية أدّت إلى وفاته”.
وتحدث التقرير عن آثار ضرب وحشي وجلد “لم يترك مكانا في الجثة من دون جروح وكدمات”، لافتا إلى محاولات للتستر على ما جرى، عبر تسريب معلومات عن “إنجاز أمني حقّقه جهاز أمن الدولة بتوقيفه خلية لتنظيم (د ا ع ش)، وأنّ الضحية الذي أطلق عليه صفة “القيادي” في داعش، كان تحت تأثير المخدرات، وحاول مهاجمة المحقق وأن العناصر أمسكوا به لتهدئته، قبل أن يصاب بنوبة قلبية استدعت نقله إلى المستشفى حيث توفي”.
وانتشرت صور تتضمن مشاهد قاسية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتظهر جثة الضحية ويبدو عليها آثار تعذيب وحروق وكدمات وجلد، مما أثار حالة رعب لدى الرأي العام اللبناني من هول المشهد، عبر عنها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين بمحاسبة جميع المسؤولين عن هذه الحادثة.
وأصدر جهاز أمن الدولة بياناً قال فيه إن المديريّة العامّة لأمن الدّولة، الحريصة دائماً على المصداقيّة والموضوعيّة والشفافيّة، توضح أنّه بنتيجة التحقيقات التي أجرتها مع أفراد الخليّة، اعترفوا بمعلوماتٍ أدّت إلى توقيف شريك لهم.
وأثناء التحقيق معه، اعترف بدوره بأنّه ينتمي إلى تنظيم (د ا ع ش) وأنّه كان من عِداد مقاتليه، ويدين بالولاء لهم”.
وأضافت “إن المديريّة العامّة لأمن الدّولة، التي سارعت إلى وضع هذه الحادثة بيد القضاء المختصّ، والذي كانت تُجرى التحقيقات بإشرافه، يعود إليه حصرا جلاء كامل ملابسات ما حصل، وإجراء المقتضى القانونيّ بإشرافه، تحرص دائما على المصداقيّة وعدم خلق ظروف متوتّرة، في هذه المرحلة الصّعبة والخطرة من تاريخ لبنان، بسبب الأوضاع الأمنيّة والسياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، في حين يجب تضافر الجهود من كل القطاعات والتصرف بمسؤوليّة وطنيّة للوصول إلى مرحلة الاستقرار في المنطقة، بعد السّير بالحلّ العادل للجميع”.
وقد توجه مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة، القاضي فادي عقيقي، إلى مدينة بنت جبيل صباح الجمعة، حيث عاين جثة الضحية وأجرى تحقيقاته بالواقعة، معطياً إشارة بتوقيف عدد من الضباط والعناصر المعنيين بالقضية في جهاز أمن الدولة.
وقال المستشار الإعلامي لرئيس جهاز أمن الدولة، جورج حرب، عن تفاصيل التوقيفات وأسبابها، إلا أن الأخير أكد أن توقيف أي ضابط أو عنصر في جهاز أمن الدولة “هو أمر خاضع للسرية، لا يسمح الحديث عنه بتوجيهات من رئيس الجهاز اللواء طوني صليبا”.
ويذكر حطيط بأنها ليست المرة الأولى التي يموت فيها موقوفون تحت التعذيب لدى الأجهزة الأمنية في لبنان، “قبل ذلك كلنا نذكر قضية حسان الضيقة الذي مات تحت التعذيب لدى فرع المعلومات، حيث فتح التحقيق ثم أغلق بعد الضغط على والده”.
وكذلك سبق أن انتشرت فيديوهات للقوة الضاربة في قوى الأمن الداخلي، وهي تعذب سجناء وموقوفين في سجن رومية، وهناك أشخاص تعرضوا للتعذيب خلال المظاهرات عامي 2019 و2020 لدى مخابرات الجيش وكسر ظهرهم بسبب التعذيب، ولدينا ملفات أيضا حول مخابرات منطقة القبة في الشمال حيث جرى إطفاء سجائر في أجساد الموقوفين، وهناك تعذيب بالكهرباء لدى مخابرات صيدا، وبالتالي ما جرى ليس جديدا على الواقع اللبناني.
ليبقى ملف هذه القضية مثل ملف قضية قتل العامل السوري على يد زوج نانسي عجرم دون حل.