لقد عانت اللغة العربية قبل التنقيط من مشاكل جمة وخصوصاً بعدما دخل الأعاجم في دين الله أفواجا فتطلب الوضع أن يتم وضع قواعد للكتابة تضبط معاني ودلائل الكلمات والحروف العربية. فتم اختيار طريقة لتنقيط الأحرف وتشكيلها وكانت بداية العمل بالتنقيط على زمن الدولة الأموية.
فقد كان زياد ابن أبيه واليًا على العراق ولما رأى اللحن بدأ يظهر والناس أصبحت تخطئ في قراءة القرآن الكريم بعث لأبي الأسود الدؤلي مستنجدًا به ليضع حلًا لهذه الأزمة فالمحافظة على القرآن الكريم أهم مبررات تنقيط أحرف اللغة العربية.
وفكر أبو الأسود الدؤلي في عمل نَقط إعراب وهو عبارة عن نقاط تميز الحركات الإعرابية المختلفة فالفتحة نقطة أعلى الحرف والكسرة نقطة أسفله والضمة نقطة عن يمين الحرف والسكون من غير نَقط وهذه العلامات أخذها من اللغة السريانية.
ولقد كانت هذه الطريقة خاصة بالمصاحف فقط وزاد عليها الناس نقطتين للحرف المنون وعلامةٌ للشدة.
ولا نستبعد تأثُّر الدؤلي بالمدارس النحوية غير العربية وخصوصاً اليونانية والسريانية وذلك حينما ابتكر فكرة التنقيط والحركات للأحرف العربية وأبو الأسود الدؤلي واضع النقاط على الحروف فقد قام أبو الأسود الدؤلي في العثور على طريقة لضبط كلمات القرآن الكريم حيث قام بوضع نقطة فوق الحرف لتدل على الفتحة ونقطة تحت الحرف لتدل على الكسرة كما وضع نقطةً على يسار الحرف للدلالة على الضمة ونقطتين فوق الحرف أو تحته أو على يساره للدلالة على التنوين وكان يترك الحرف الساكن خالياً من النقاط ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذا الضبط لم يكن يُستعمل إلّا في المصحف ويُعدّ أبو الأسود الدؤلي أول من قام بضبط اللغة وذلك بأمر من أمير العراق زياد وكان هذا الحدث وقد استعان الدؤلي بعلامات كان يستعملها السريان للدلالة على الرفع والجر والنصب وللتمييز بها بين الاسم والفعل والحرف. الخليل بن أحمد الفراهيدي قام الخليل بن أحمد الفراهيدي بحلول القرن الثاني من الهجرة بوضع طريقة أخرى لتنقيط الحروف حيث كانت طريقته بجعل ألف صغيرة مائلة فوق الحرف للدلالة على الفتحة ووضع ياء صغيرة تحت الحرف للدلالة على الكسرة وتوضع الواو الصغيرة فوق الحرف لتدل على الضمة أمّا في حالة التنوين فيتمّ تكرار الحرف الصغير وبعد ذلك تطورت الطريقة حتّى وصلت إلى ما هي عليه اليوم كما جعل السكون الخفيف الذي لا إدغام فيه رأس خاء أو دائرة صغيرة وجعل الهمزة رأس عين (ء)كما قام بإصلاحات أخرى ومنها وضعه رمز الشدّة حيث نقل رمز الشدّة من نصف الدائرة إلى رأس الشين وقدّم العديد من الإضافات إلى الكتابة العربية التي لم يتمكن أحد بعده إضافة شيء لها وبالتالي فإنّ للخليل بن أحمد الفضل الكبير والعظيم في وضع الهمزة والتشديد في حروف اللغة العربية.
ولقد استمرت الحروف العربية بشكلها غير المنقوط وغير المشكول حتّى منتصف القرن الأول الهجري وأُجري تنقيط الحروف في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان وقام بذلك نصر بن عاصم الليثى ويحيى بن يعمر العدواني حيث قام الرجلان بترتيب الحروف الهجائية بهذه الطريقة الشائعة في يومنا هذا وأهملا ترتيب الحروف الأبجدية على الطريقة القديمة أبجد هوز. وفي الثلث الأخير من القرن الأول الهجري أضحت اللغة العربية لغةً عالمية خاصةً عندما بدأت تنتقل مع انتقال الإسلام إلى المناطق المحيطة بشبه الجزيرة العربية إذ استخدمت اللغة العربية في تلك المناطق وأصبحت اللغة الرسمية للدول كما كان استخدامها دليلاً على الرقي والتقدم الحضاري والاجتماعي والسياسي. فأصبحت الكتابة بالأحرف العربية كما هو حالها اليوم وزادت مطبوعاتها بعد دخول أول مطبعة للغة العربية لتقوم بطباعة الكثير من الكتب والأدبية والعالمية.
إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى
تحرير: حلا مشوح