قمة العار التي أنعشت بشار الأسد بعد قربه من السقوط في الهاوية 

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

لم تكن الجامعة العربية منذ تأسيسها إلا عدوة للشعوب العربية، فماذا فعلت لفلسطين وماذا قدمت للعراق واليمن ولبنان والسودان والصومال وأخيرا في سوريا، ففي 7 من أيار الجاري، وافقت الجامعة العربية على إعادة النظام السوري إلى مقعده الذي كان معلّقاً منذ عام 2011. وومما زاد من إنعاش بشار الأسد بأن الجامعة العربية قالت إنها ستوجه دعوة إلى رئيس النظام السوري لحضور القمة المقبلة المقررة في السعودية في الـ19 من هذا الشهر.

فلقاءات الجامعة العربية لن يستمتع بها أحد باستثناء بشار الأسد، الدكتاتور السوري الذي سيفرح بالقمة العربية المقبلة، بعد تعليق عضويته منذ 2011 بسبب قمعه الوحشي للاحتجاجات المناوئة لنظامه وما تمخض عن ذلك القمع من حرب في البلاد.

فرئيس النظام السوري الذي يعد أحد أسوأ مجرمي الحرب في القرن الحادي والعشرين لا تعنيه الجامعة المليئة بالنيام بل خطوة تجاه إعادة قبوله في الغرب.

وكان من المقرر أن تعقد القمة في المغرب عام 2016، لكنه لم يزعج نفسه ووصف المناسبة بأنها مضيعة للوقت. أما في قمة الجزائر السنة الماضية فقد حصل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على تقرير طبي كي لا يحضر تلك القمة. وعادة ما يتم رصد رؤساء الدول العربية وهم يغطّون بالنوم.

وبالنسبة للأسد، فإن الدعوة من دكان ممل حافل بالدكتاتوريين، يبدو فارغاً، تتويج لجهود طويلة لإنهاء عزلته العربية وربما كان يأمل بأنها خطوة أخرى نحو الغرب. فنظامه لم يفعل شيئاً يستحق عودته، كما لم يقدم تنازلات من أجل الإصلاحات السياسية أو المحاسبة لجرائم الحرب، ولم يحاول إعادة 6 ملايين لاجئ، معظمهم في دول الجوار.

فعدد سكان سوريا كان 22 مليون نسمة فرّ نصفهم إلى الخارج أو أصبحوا نازحين في بلادهم. وهو يحكم نخبة فاسدة تغرق الخليج بالمخدرات غير الشرعية وتقيم علاقات قريبة مع إيران، العدوة اللدودة لعدد من الدول العربية. فضلاً عن انتشار الفقر، و يبدو أن أكثر الدكتاتوريين دموية يستطيع الخلاص لو تسبب بمشاكل كافية للآخرين.

فهذا واحد من دروس عودته إلى المسرح الدولي، أما الدرس الثاني، فيتمثل في أن المستبدين وأمراء الحرب الذين يبحثون عن دعم روسيا عادة ما يخيب أملهم. فالأسد بحاجة إلى العالم العربي، وبخاصة دول الخليج الثرية، لأن روسيا لا يمكنها إعادة إعمار البلد. وسيكون من الأفضل له لو استطاع تحقيق التقارب مع الغرب الذي وضع نظامه تحت طائلة العقوبات لمنع الإعمار. والعاملون في قطاع الطاقة، مثلا، يمنعون الشركات من بناء محطات طاقة جديدة أو توفير المعدات له. ويشعر المستثمرون من الخليج بالقلق، حتى في مشاريع صغيرة للطاقة الشمسية، ويخافون من خرق العقوبات. ولهذا فالتقارب مع الغرب ليس محتملاً.

فعندما وصل رئيس النظام إلى الإمارات في العام الماضي، كانت تلك الرحلة الأولى له إلى تلك الدولة منذ 11 عاماً. كما أن الإمارات كانت أول دولة تكسر عزلته، وافتتحت سفارتها من جديد في 2018 ثم جاء الزلزال الذي منح القادة العرب المبرر للتواصل مع الأسد وتقديم التعازي له وتنسيق الإغاثة.

لكن هناك عدة أسباب دفعتهم إلى التطبيع مع الأسد، الأول هو روح التقارب الأوسع، ففي آذار توصل السعوديون إلى تسوية مع إيران برعاية صينية. وقرر البلدان استئناف العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات. وبعد سنوات من حروب الوكالة في سوريا واليمن وأماكن أخرى، بات الطرفان راغبين في خفض التوتر وتعزيز موقفهما في الداخل.

وتحاول تركيا ومصر اللتان تعيشان وسط أزمة اقتصادية إنهاء عقد من العداء. وأنهت دول الخليج خلافاتها وحصار قطر الذي لم يؤد إلى نتائج. ويحاول الأعداء القدماء حول المنطقة التظاهر بأنها عادت  صديقة. وعندما يتعلق الموضوع بسوريا، فإنها تريد أمراً أكثر جوهرية، فجيرانها يأملون بالتخلص من ملايين اللاجئين السوريين. نحو مليوني لاجئ في لبنان، البلد الذي لا يتجاوز عدد سكانه الـ 5 ملايين نسمة، وينظر إليهم كعبء وحُمّلوا ظلماً الانهيار الاقتصادي في البلد. وفي تركيا تحول المزاج إلى عدواني. وتعهد كمال كلتشدار مرشح المعارضة في الانتخابات المقررة في الـ14 من أيار بالتخلص من اللاجئين السوريين في عامين في حال فاز بالانتخابات.

ويأمل البعض من التطبيع مع الأسد، إبعاده عن إيران التي ساعدته عسكرياً وتحولت سوريا إلى قاعدة للحرس الثوري وحزب الله وبقية الجماعات الموالية لإيران. ويثير وجودها قلقاً لدول مثل السعودية والأردن التي ترى في إيران شراً. ولكن لا أحد عليه أن يعول كثيراً، فقد بنى البعض من أبناء سورية حياة جديدة، مع أن البقية لا يزالون يعيشون في أوضاع بائسة تحت الخيام ويعيشون على المساعدات. وقلة منهم يريدون العودة إلى سوريا، ولن يعودوا لو خيروا إلا في حالة قام النظام بإصلاحات سياسية وحصل تقدم في مجال إعادة الإعمار. وبالنسبة إلى إيران فمن الصعب عليها رؤية طرد الأسد القوات التي ساعدته على البقاء في السلطة. وعندما زار الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تم الترحيب به بموسيقى تمجّد إيران.

فالمنتصر الوحيد من عقد قمة عربية أبرز المدعوين إليها قاتل الشعب السوري.

ومن المنتصر عندما شاهد العالم كله كيف استقبل رئيس النظام الإيراني في عاصمة الأمويين استقبال الفاتحين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.