يبقى الحب الصادق أسمى مافي الوجود وأصدق الحب الحب الأول كونه بصمة جميلة تبقى على جدران الفؤاد تثير أحاسيس المحب كلما سنحت لها فرصة برؤية مكان أو شخص له صلة بذلك الحب. وحكاية قصيدة الأطلال تبدأ حين قيل أن الشاعر إبراهيم ناجي أحب فتاة كانت تسكن بالقرب من بيته وهو في عمر السته عشر سنة وكان قد سافر إلى خارج البلاد ليقوم بدراسة الطب وعند عودته من السفر كان عازماً إلى الذهاب إلى بيتها ليقوم بخطبتها من والدها وعندما سأل عنها وعن أخبارها وجد حبه الذي أحب قد تزوجت من رجل آخر ولكنه بالرغم من ذلك لم يستطيع أن ينسى حبه لهذه الفتاة.
وبعد مرور خمس عشرة سنة وبعد منتصف الليل وهو يتمشى في أحد الشوارع التقى رجلا أربعيني يستغيث ويطلب المساعدة وذلك من أجل إنقاذ زوجته التي كانت في حالة ولادة عسيرة وعندما قدم معه إلى بيتة كانت الزوجة مُغطاة الوجه وكانت في حالة خطرة جدًا وهو يحاول أن ينقذها وفجأة وهو يحاول إنقاها بدأت أنفاس تلك المرأة تقل وبدأت تغيب عن الوعي وعندها طلب من الزوج أن يقوم بالكشف عن وجهها لكي تتنفس وقد تفاجأ بأنها حب حياته فتأثر بذلك الموقف فكتب هذه القصيدة والتي غنتها كوكب الشرق أم كلثوم. يقول فيها :
يا فؤادي لا تسل أين الهوى .
كان صرحاً من خيالٍ فهوى.
اسقني واشرب على أطلاله .
واروِ عني طالما الدمع روى.
كيف ذاك الحب أمسى خبراً .
وحديثاً من أحاديث الجوى.
لست أنساك وقد أغريتني.
بفمٍ عذب المناداة رقيقْ.
ويدٍ تمتد نحوي كيدٍ.
من خلال الموج مدت لغريق.
وبريقاً يظمأ الساري له.
أين في عينيك ذياك البريق.
يا حبيباً زرت يوماً أيكه.
طائر الشوق أغني ألمي.
لك إبطاء المدل المنعم.
وتجني القادر المحتكمٍ.
وحنيني لك يكوي أضلعي.
والثواني جمرات في دمي.
أعطني حريتي أطلق يديَّ.
إنني أعطيت ما استبقيت شيَّ.
آه من قيدك أدمى معصمي.
لم أبقيه وما أبقى عليَّ.
ما احتفاظي بعهودٍ لم تصنها.
وإلام الأسر والدنيا لديَّ
أين من عيني حبيبُ ساحرٌ.
في نبل وجلال وحياء.
واثق الخطوة يمشي ملكاً.
ظالم الحسن شهي الكبرياء.
عبق السحر كأنفاس الربى.
ساهم الطرف كأحلام المساء.
أين مني مجلس أنت به.
فتنةٌ تمت سناء وسنى.
وأنا حبٌ وقلبٌ هائمُ.
وخيالٌ حائرٌ منك دنا.
ومن الشوق رسولٌ بيننا.
ونديمُ قدم الكأس لنا.
هل رأى الحب سكارى مثلنا.
كم بنينا من خيالٍ حولنا.
ومشينا فى طريق مقمرٍ.
تثب الفرحة فيه قبلنا.
وضحكنا ضحك طفلين معاً.
وعدوّنا فسبقنا ظلنا.
وانتبهنا بعد ما زال الرحيق.
وأفقنا ليت أنّا لا نفيق.
يقظة طاحت بأحلام الكرى.
وتولى الليل والليل صديق.
وإذا النور نذيرٌ طالعٌ.
وإذا الفجر مطلٌ كالحريق.
وإذا الدنيا كما نعرفها.
وإذا الأحباب كلٌّ في طريق.
أيها الساهر تغفو.
تذكر العهد وتصحو.
وإذا ما التأم جرح.
جدّ بالتذكار جرحُ.
فتعلّم كيف تنسى.
وتعلّم كيف تمحو.
يا حبيبي كل شيئٍ بقضاء.
ما بأيدينا خلقنا تعساء.
ربما تجمعنا أقدارنا.
ذات يوم بعد ما عز اللقاء.
فإذا أنكر خل خله.
وتلاقينا لقاء الغرباء.
ومضى كل إلى غايته.
لا تقل شئنا فإن الحظَّ شاء.
ولاتزال أغنية الأطلال تسمع ويطرب بها العاشقون إلى يومنا هذا على الرغم من قدمها واختلاف الأذواق بين الأجيال.
إعداد: مروان مجيد الشيخ عيسى
تحرير: حلا مشوح
بجد لكم جزيل الشكر على كل مجهود تبذلونه لإيصال المعلومة الصحيحة للمشاهدين والمتابعين