داريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
مدينة داريا الواقعة في ريف دمشق هي إحدى المدن التي يحيي أبناؤها في يوم الخامس والعشرين من شهر آب من كل عام ذكرى المجزرة الكبرى التي قامت قوات النظام السوري بارتكابها، وأسفرت عن مقتل ما يقارب 700 مدني، إثر عمليات تصفية وإعدام ميداني.
وكانت المجزرة قد حصلت في شهر آب عام 2012، أي قبل عقد من الزمن، وتم تصنيفها على أنها الأفضع، التي حصلت في بدايات أحداث الثورة السورية، عندما كان الحراك مقتصرا على المظاهرات السلمية، قبل أن يتحول بعد تصاعد الحملات الأمنية والعسكرية إلى مسلح.
وعن هذه المجزرة تحدثت الغارديان أن بعد عقد كامل على ارتكابها، قام فريق من المحققين والمحققات بتوثيق 23 شهادة لأشخاص عاينوا وعايشوا تفاصيل مجزرة داريا، التي ارتكبتها قوات النظام السوري وحلفاؤها في 25 آب من عام 2012، والتي أودت بحياة أكثر من 700 مدني، واعتقلت وهجرت خلالها المئات غيرهم من أبناء وبنات مدينة داريا. يقدم تقرير داريا بعد عقد من الزمن: توثيق مجزرة، الذي عمل عليه فريق مختص من المجلس السوري – البريطاني، معلومات تفصيلية تُروى للمرة الأولى بدءاً من حصار قوات النظام السوري المدينة في 20 آب ، وقطع كل خطوط الاتصال معها ومنعها السكان من المغادرة، مروراً بالقصف المكثف والعشوائي على الأحياء السكنية والمدارس والمستشفيات، حتى يوم 24 الذي شهد اقتحام تلك القوات المدينة وارتكابها مجموعة واسعة من الإعدامات الميدانية، مما أسفر عن مقتل عائلات بأكملها رجالاً ونساءً وأطفالاً. وسعى التقرير الاستقصائي إلى تحديد الأفراد والجهات المسؤولة عن الفظائع التي ارتُكبت في مدينة يعتبرها السوريون والسوريات منارة للحراك السلمي والكفاح غير العنفي، وذلك بهدف تحقيق العدالة لجميع الذين فقدوا حياتهم أو اختفوا دون معرفة مصيرهم حتى الآن. تقول الدكتورة ياسمين النحلاوي، المحققة الرئيسية في فريق المجلس السوري – البريطاني: الشهود الذين تحدثنا معهم وصفوا لنا أعمال القتل والقصف والاعتقال والنهب التي شهدوها بأنفسهم، وقاموا بمشاركتنا صورهم وفيديوهاتهم. وتابعت أن تصميم الشهود على توثيق ما جرى معهم قوبل بفشل ذريع من المؤسسات الدولية في تحقيق العدالة لهم ومحاسبة الجناة عن جرائم الحرب المرتكبة في سوريا، مشددة على ضرورة أن يعرف العالم حقيقة ما جرى في داريا قبل عقد من الآن. هذا التحقيق يجب ألا يبقى مخزناً في قاعدة بيانات ما للأمم المتحدة، دون محاسبة حقيقية لكل المتورطين في هذه المجزرة المروعة. قدم تقرير داريا بعد عقد من الزمن: توثيق مجزرة شهادات بالغة الأهمية، بحسب المشرفين عليه، مثل شهادة رجل يبلغ من العمر 59 عاماً، كان مسؤولاً عن تحديد أماكن جثث ضحايا المجزرة وترتيب دفنها حيث انتشل بنفسه 50 جثة من ثلاجة بشاحنة تابعة لمستشفى النظام في دمشق وأعادها إلى مدينة داريا لدفنها. إضافة إلى شهادة سيدة من المدينة وصفت كيف اقتحم الجيش منزلها واعتقل زوجها في يوم المجزرة، والذي لا يزال مختفياً حتى الآن. تقول: كنت أسألهم باستمرار لماذا وإلى أين تأخذونهم كنت أتوسل الضباط أن يخلوا سبيلهم. ووسط بكاء أطفالي قال لي أحد الضباط: إذا استمريت بالكلام فسأطلق النار على أطفالك أمامك. وتتابع: لن أنسى أنا وأطفالي، هذه الحادثة ما حيينا حتى ابني الذي كان يبلغ عامين ونصفاً وقتها لا يزال يذكر ما جرى حتى اليوم. المجلس السوري – البريطاني سيقوم بنشر هذا التقرير المفصل خلال جلسة تفاعلية مفتوحة في الذكرى العاشرة لمجزرة داريا، مساء اليوم، بحضور عدد من شهود العيان والخبراء القانونيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين في مجال المحاسبة والمساءلة في سوريا.
ولا تعتبر مجزرة داريا الوحيدة التي وثق ضلوع قوات النظام السوري في تنفيذها، بل كان إلى جانبها الكثير، سواء في محيط العاصمة، دمشق، أو في باقي المناطق السورية، التي اشتعلت عقب عام 2011.
وخلال السنوات الماضية برزت سلسلة من التوثيقات الخاصة بمسار المحاسبة والعدالة، لكنها استهدفت بشكل أساسي الجرائم الكبرى مثل مجزرة الكيماوي التي حصلت في الغوطة الشرقية، في آب من عام 2013.