قبل أيام من الانتخابات الرئاسية الأميركية، يترقب العالم بأسره نتائجها، لكن لمنطقة شمال شرقي سوريا، التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، فإن عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تحمل سيناريوهات مثيرة للقلق. خلف ترامب في ولايته السابقة (2016-2020) إرثاً من السياسات التي أثرت بشدة على “قسد” واستقرار المنطقة بأكملها، مما جعلها اليوم تتوجس من عودة هذه الحقبة.
تتوجس “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد)، التي تدير منطقة الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، من احتمالية عودة ترامب إلى الحكم، حيث أن فترة رئاسته السابقة شهدت تقلبات سياسية وعسكرية حادة أثرت على توازن القوى في المنطقة. فقرار ترامب المفاجئ بسحب القوات الأميركية عام 2019 أضرّ بموقع “قسد” وجعلها مكشوفة أمام التهديدات المختلفة، وخاصة أمام تركيا.
وفي حديث لـ”النهار”، أشار مصدر سياسي كردي إلى أن المخاوف من عودة ترامب لا تقتصر على “قسد” فقط، بل تشمل جميع القوى السياسية في المنطقة من كرد وعرب وسريان، نظراً لاحتمالية اتخاذ إدارة جمهورية لقرارات قد تؤدي إلى انسحاب عسكري مفاجئ أو صفقات أمنية مع قوى إقليمية مثل تركيا أو روسيا.
عودة مخاوف الماضي
من الدروس المستفادة من رئاسة ترامب السابقة، يأتي خوف “قسد” من إعادة سيناريو الانسحاب العسكري الأميركي الذي قد يتركها في مواجهة مباشرة مع قوى إقليمية، مثل تركيا التي لا تخفي طموحاتها التوسعية في المنطقة. وقد شهدت المنطقة حينها تدخل تركيا عبر عملية عسكرية منحتها السيطرة على منطقة ممتدة من رأس العين حتى تل أبيض، وهي مناطق كانت تحت سيطرة “قسد”.
ويرى المحلل السياسي الدكتور وليد جليلي من “مركز الفرات للدراسات” أن العودة المحتملة لترامب قد تضع “قسد” في موقف حساس يدفعها لاتخاذ خطوات عاجلة. ويشرح أن “قسد” قد تسعى خلال الفترة الانتقالية لاستكشاف توجهات الإدارة الجديدة وتقييم مدى التغيير في استراتيجياتها تجاه المنطقة، قبل اتخاذ أي قرارات جوهرية بشأن تحالفاتها المحلية والدولية.
السيناريوهات المحتملة
في حال فوز ترامب، تشير التحليلات إلى سيناريوهين رئيسيين قد تتبعهما “قسد”: أولاً، محاولة استمالة التحالفات المحلية عبر اتفاقيات سياسية مع الأطراف السورية الأخرى، حتى الحكومة السورية للحفاظ على حدّ أدنى من الاستقرار وتجنب أي تصادم مباشر مع القوى الإقليمية. وثانياً، تعزيز قدراتها الدفاعية في مواجهة أي تهديدات من “داعش”، الذي قد يجد فرصة لإعادة تنظيم صفوفه في حال تقليص الدعم الأميركي لقوات “قسد”.
خاتمة:
وسط هذه التوقعات، تظل منطقة شمال شرقي سوريا أمام احتمالات مفتوحة، خاصة إذا عادت الإدارة الأميركية إلى سياساتٍ شبيهة بتلك التي اتبعها ترامب سابقاً. ومع تزايد القلق بين صفوف “قسد” وسكان المنطقة، يبدو أن الأيام القادمة ستكشف عن تحديات جديدة تعيد رسم مشهد الصراع في سوريا، وتؤثر على توازن القوى المحلية والدولية في الشرق الأوسط.