دولي – فريق التحرير
التسلّح بالعملة المحلية لا يقل قوة وضرورة عن التسلح بالترسانة العسكرية، هذا المبدأ تسابِق بكين الزمن لتنفيذه، ونسج شبكة من الدول التي تتعامل معها باليوان الصيني كدرع يقيها ضربات العقوبات الأميركية المحتملة.
اتّفق خبيران تحدّثا على أن اليوان أصبح مصدر ثقة أكثر من الدولار لكثير من دول العالم، أحدثها الأرجنتين التي أعلنت قبل أيام استخدام العملات المحلية في التبادل مع الصين.
يرصد المتحدّثان المكاسب التي تنتظرها الدول من استخدام اليوان، وكذلك ما يعطل وصوله لنفس المستوى مع الدولار قريبا.
منذ أكثر من 10 سنوات تقلل بكين اعتمادها على الدولار، مدفوعة بالمخاطر الناشئة عن الارتباط بالاقتصاد الأميركي، وظهرت في الانهيار المالي العالمي سنة 2008، وفق تقرير لصحيفة “الغارديان”.
خلال الأشهر الأخيرة، سرَّعت بكين خطواتها، بعدما تابعت احتشاد دول حلف الناتو في “عصر” روسيا بالعقوبات، بعد اندلاع حرب أوكرانيا 2022، مستغلة في ذلك ارتباط أنشطتها بالنظام المالي في الولايات المتحدة وأوروبا.
زاد تحفّز الصين لفصل اقتصادها عن الدولار بعد بروز أزمة تايوان على الخط، واحتمال حدوث صدام مع واشنطن يعقبه فرض عقوبات عليها هي الأخرى.
شهدت الآونة الأخيرة اتفاقات بين الصين وعدة دول للتبادل التجاري بالعملة المحلية، منها الهند والبرازيل وروسيا والأرجنتين.
في مارس الماضي، استخدمت شركة صينية اليوان لشراء 65000 طن من الغاز الطبيعي المسال من شركة فرنسية متعددة الجنسيات، وهي المرة الأولى التي يتم فيها استخدام اليوان في صفقة دولية للغاز الطبيعي المسال.
درع ضد العقوبات
يتوقع الخبير في الشأن الدولي جاسر مطر، أن يرفع “تدويل اليوان” الصين لتتربع على عرش الأسواق، خاصة مع توجه دول كثيرة لتتبادل التجارة مع الصين بالعملة المحلية؛ نتيجة عدم ثقتها في الدولار الذي تستغله واشنطن في فرض العقوبات.
يشجع هذا أكثر، المكاسب التي تنتظر الصين والدول التي تتعامل معها باليوان، ومنها حسب مطر:
المنتجات الصينية أزاحت منتجات أميركية وأوروبية من عرش الأسواق.
المنتجات الصينية رخيصة الثمن، وسعت بكين لتحسين جودتها للقضاء على ما ارتبط بسمعتها من ضعف الجودة.
الآن بات الاعتماد كبير على هذه المنتجات، حتى قفز التداول التجاري للصين مع العالم إلى التريليون دولار سنويا.
الدول التي تعتمد اليوان يصبح اقتصادها أكثر قوة في ظل توفير الصين ما يلزم بعيدا عن السوق الأميركية.
اليوان سيتخطى الدولار، وتجاوز في إبريل الدولار للمرة الأولى في مدفوعات الصين الخارجية، والآن، أكثر من 72 بنكا مركزيا تعتمد اليوان في التعامل.
مركز الطاقة العالمي: لا يمكن لليوان الصيني استبدال الدولار
أزمة أمام اليوان
إلا أن الطريق أمام اليوان ليس مفتوحا 100%، فأحد أكبر الأنشطة الاقتصادية في العالم، وهي الطاقة، يرتبط بيعها وشراؤها بالدولار في أغلب الأحوال، وهو ما يصعب فكه الآن، كما ينبه مطر.
لتخطي هذه العقبة، يقول إن الصين “يجب أن تكون قوة نفطية ضخمة لتبيع نفطها باليوان، وتحتاج أيضا إلى مزيد من الوقت لمد خيوطها داخل الدول لشراء النفط منها باليوان”.
في هذه الزاوية، يضيف المحلل الاقتصادي عارف حسان، أنه “لا يمكن للصين أن تدعي أنها قوة عظمى إذا استمرت في الاعتماد على الدولار في تسعير منتجاتها”.
في نفس الوقت، يلفت إلى أن اتجاه عدة دول لاستخدام اليوان، هو اعتراف بأن الصين أصبحت “قوة اقتصادية وسياسية يُعتمد عليها”، متوقعا أن يكون هذا سندا كبيرا للصين حال نشوب صراع في تايوان وفرض عقوبات عليها.
وكالات