سباق التقارب مع النظام السوري بين تركيا والدول العربية

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى 

 

إن ما يحدث هذه الأيام، من سباق التقارب مع النظام السوري القاتل ، الذي تلهث خلفه بعض الأنظمة العربية وتركيا ،يدعو للعجب ،فما الذي يستطيع هكذا نظام قاتل مفلس لدول ذات اقتصاد قوي كدول الخليج العربي، ولدولة قوية كتركيا ،عندما بدأت أنقرة مسار التطبيع مع النظام السوري في لقاء موسكو لم يكن مسار التطبيع العربي بقيادة السعودية قد انطلق بعد، ولذلك كانت تأمل بتجاوب من النظام السوري، إلا أن مسار التطبيع العربي منح رئيس النظام السوري بشار الأسد إمكانية التصعيد الحاد ضد أردوغان وتركيا من موسكو في زيارته الأخيرة

يبدو أن أنقرة غير مستعدة لتقديم تنازلات جوهرية على الفور أو في المستقبل المنظور للنظام السوري من دون مقابل، لأن ذلك سيعني تقويض نفوذها وموقفها في سوريا، على عكس الدول العربية المطبعة والساعية للتطبيع، التي إن استمرت في خطواتها فهي ستخسر على أبعد تقدير ملايين الدولارات لدعم رئيس النظام بشار الأسد من خلال الاستثمارات و”المساعدات الإنسانية” التي لن تقدمها سوى دول الخليج، لأن الموقف الأميركي والأوروبي واضح ولم يتغير وهو يرتبط بتغيير سلوك النظام السوري وتطبيق القرار الأممي 2254.

ووفق البيان العربي الأخير، تمارس المملكة العربية السعودية ودول التطبيع سياسة التجريب مع النظام السوري، الذي لا يستطيع تقديم شيء ليس أساسا في متناول يده، وبعد تحسن العلاقات السعودية الإيرانية بات العرب أقرب إلى القناعة بأن سوريا مقاطعة إيرانية. 

أكد البيان الختامي للاجتماع التشاوري لدول مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر والعراق على أهمية الحل السياسي كحل وحيد للأزمة السورية من دون أن يشير إلى قرار مجلس الأمن 2254، وأيضا من دون التوافق على عودة النظام إلى الجامعة العربية بسبب الرفض القطري والمغربي.

تدير أنقرة لقاءاتها مع النظام السوري ببراغماتية سياسية واضحة، وقد تكون رابحة حتى وإن فشلت مرحليا في التوصل لاتفاق مع دمشق، لأنها استطاعت استغلال ورقة التطبيع في الداخل التركي قبيل الانتخابات الرئاسية، ويمكن بعدها للرئاسة التركية أن تقول لقد حاولنا لكنّ النظام السوري لا يريد تسوية الخلافات ولا يريد اتفاقا يضمن مصالح تركيا.

وكلما اقترب موعد الانتخابات يزداد الموقف التركي ثباتا، إذ أكد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن أنقرة لن تقبل أي شروط مسبقة لإجراء مفاوضات مباشرة مع النظام السوري، بما في ذلك انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، مشددا على أن هذا الانسحاب يعني عودة التهديدات ضد تركيا.

وأوضح أنه وفقاً للاتفاقيات التي تم التوصل إليها في وقت سابق، كان من المفترض أن تقضي دمشق على جميع التهديدات الحدودية ضد تركيا، لكن ما زلنا نراها، مشيراً إلى أن النظام السوري لا سلطان له على أراضيه. ما يعني أن النظام السوري لا يقيم وزنا للأمن القومي التركي وهو ما يوضحه وزير الخارجية للداخل التركي.

جاويش أوغلو أكد أنه لن يأتي أي ضرر لسوريا من تركيا، ونريد ضمان العودة الآمنة للاجئين السوريين، ليس فقط في المناطق الآمنة التي نسيطر عليها، ولكن في مناطق سيطرة النظام أيضاً.

وبشأن الاجتماع الرباعي، أشار جاويش أوغلو إلى أنه نحتاج إلى الانخراط والعمل مع النظام، كان هناك اجتماع على مستوى نواب الوزراء ووزيري الدفاع وأجهزة المخابرات، ونعتقد أن الاجتماع على مستوى وزراء الخارجية قد يعقد بداية أيار المقبل، وعندما يتم تحديد موعد الاجتماع سنحضر.

وتشمل مطالب تركيا من النظام السوري القضاء على التهديد الذي تشكله قوات سوريا الديمقراطية للأراضي التركية شمال شرقي البلاد، وإبرام اتفاق ثنائي حول التهديدات الأمنية، وتوفير أساس قانوني وسياسي لعودة اللاجئين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.