حذر رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، باولو بينيرو، من أن سوريا تعيش أسوأ مراحلها، حيث تنحدر إلى مستنقع من البؤس واليأس. واعتبر بينيرو أن ما يحدث في سوريا يمثل درسًا في الفشل المتعدد والفرص الضائعة، مع تحول اهتمام العالم وموارده إلى أزمات سياسية وإنسانية أخرى.
في كلمة ألقاها خلال الدورة العادية الـ57 لـ”مجلس حقوق الإنسان” المنعقدة في جنيف، أكد بينيرو أن حكومة دمشق تواصل انتهاكاتها الصارخة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الإخفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة للمعتقلين. جاء ذلك رغم قرار محكمة العدل الدولية الذي يلزم بوقف التعذيب في سوريا.
وأشار بينيرو إلى أن السلطات السورية لا تكتفي بالانتهاكات الجسدية والنفسية، بل تتعمد استغلال آلام الأسر، حيث يطلب مسؤولو الحكومة مبالغ مالية من العائلات التي تسعى للاتصال بأبنائها المحتجزين تعسفياً أو زيارتهم. في بعض الحالات، يُدفع المال مقابل الحصول على مجرد معلومات حول مصير المعتقلين.
من جهة أخرى، وجه بينيرو اتهامات إلى “هيئة تحرير الشام” وبعض فصائل “الجيش الوطني” في شمال غرب سوريا بارتكاب نفس الانتهاكات، حيث تمارس الاعتقال التعسفي والتعذيب بحق المدنيين الذين يُشتبه بمعارضتهم السياسية. وفي شمال شرق البلاد، تعاني مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) من انتهاكات مماثلة، حيث يتم اعتقال النشطاء السياسيين تعسفياً.
ورغم هذا المشهد القاتم، أشاد المسؤول الأممي باستمرار الاحتجاجات في الشارع السوري ضد انتهاكات مختلف الأطراف. وشدد على أن هذه الاحتجاجات يجب أن تكون حافزاً للمجتمع الدولي للعمل على التغلب على الإخفاقات في سوريا، مشيراً إلى أن تحسين أوضاع حقوق الإنسان في البلاد لن يتحقق إلا إذا تجدد اهتمام المجتمع الدولي بالأزمة السورية.
يبدو أن الأزمة السورية تستمر في التفاقم، في ظل تجاهل دولي وانعدام رؤية واضحة لحل ينهي معاناة الشعب السوري المستمرة منذ أكثر من عقد.