أُصيب كثير من أهالي دمشق بخيبة، جراء عدم دوام حالة التحسن في الخدمات الأساسية الحكومية التي حصلت خلال فترة الحملات الانتخابية لمنصب رئاسة الجمهورية، وعودة الوضع إلى ما كان عليه قبل تلك الحملات بعد إعلان نتائج الانتخابات. وخلال حملات انتخابية للمرشحين، استمرت أكثر من أسبوع وسبقت الانتخابات التي جرت في 26 مايو (أيار) الماضي، شهدت التغذية الكهربائية في غالبية مناطق دمشق تحسنا ملحوظا، إذ انقلب برنامج التقنين من 4 ساعات قطع وساعتي وصل إلى 4 ساعات وصل مقابل ساعتي قطع، واستمر ضخ مياه الشرب إلى منازل المواطنين على مدار 24 ساعة. كما شهدت تلك الفترة مواظبة عمال النظافة على رفع القمامة من الشوارع الرئيسية والفرعية والجادات بشكل يومي أكثر من مرة، واستقرارا نوعا ما في أسعار الخضراوات والفاكهة والعديد من المواد الغذائية التي يعاني أغلبية الناس من ارتفاعها بشكل كبير. لكن بعد يوم واحد من الإعلان عن نتائج الانتخابات في 29 الشهر نفسه بفوز الرئيس بشار الأسد بولاية رابعة، بعد حصوله على 95.1 في المائة من أصوات الناخبين، عاد الوضع إلى ما كان عليه فيما يتعلق ببرنامج التقنين الخاص بالتغذية الكهربائية (من خلال 4 ساعات قطع وساعتي وصل)، وبعدها بيومين ساء الوضع أكثر وأصبح البرنامج في كثير من المناطق (4 ساعات قطع وساعتي وصل) مع تخلل فترة الوصل عمليات قطع تصل إلى 3 – 4 مرات وتستمر الواحدة ما بين 15 – 20 دقيقة. وأدى الأمر إلى حصول استياء لدى معظم أوساط الأهالي، ويقول مدرس ثانوي: «الناس تعرف أن الهدف (من التحسن في الخدمات) الإيحاء للناس المنهكة من الغلاء وفقدان كل مقومات الحياة الأساسية، بأن الوضع بشكل عام ذاهب للتحسن وتحفيزها على المشاركة في عملية التصويت»، ويضيف، «لكن ما حصل بعد الانتخابات يثبت عكس ما روجوا له، وأن الوضع ذاهب إلى الأسوأ»، ويتابع، «ما يحصل يؤكد أن لا أمل بأي تحسن والناس ستنهك أكثر بسبب تفاقم أزمات الكهرباء والغاز والخبز والماء والمواصلات و… باختصار هي (هذه) مو (ليست) عشية أبدا». طالب جامعي من جهته، يتحدث بطريقة لا تخلو من السخرية عما يحصل، ويقول: «كان همهم حشد الناس (في يوم الانتخابات) وتصويرها، وفعلا بطرقهم المعهودة تم ذلك»، ويضيف «أيضا همهم كان عرض هذه الحشود على الشاشات ومشاهدتها من قبل أغلبية الناس والأمر يحتاج إلى كهرباء ولذلك جرى تحسين التيار، الآن يبدو أنهم يحسمون ساعات الوصل الزائد التي تمت خلال الحملات الانتخابية ويوم الانتخابات!». وإذ كانت عملية ضخ مياه الشرب إلى منازل المواطنين قبل وخلال الحملات الانتخابية تتم على مدار 24 ساعة، أعلنت محافظة دمشق منذ أيام عن برنامج تقنين لكافة مناطق العاصمة دمشق، يتضمن قطعها لساعات معينة وضخها في ساعات محددة، علما بأن مسؤولين حكوميين أكدوا في تصريحات سابقة أن غزارة الينابيع في منطقة «عين الفيجة» بريف العاصمة التي يجري تغذية مناطق دمشق منها جيدة جدا لهذا العام. وأكثر ما فاجأ الأهالي، وزاد من صعوبة حياتهم المعيشية، هو تضاعف أسعار الخضراوات والفاكهة ما بين 3 – 4 مرات عما كانت عليه خلال الحملات الانتخابية، حيث شهدت خلالها الأسعار نوعا من استقرار. ويصل سعر الكيلوغرام الواحد من «البازلاء» حاليا إلى 3500 ليرة سورية بعدما استقر خلال الحملات الانتخابية ما بين ألف وألف و200 ليرة، ووصل سعر الكيلوغرام من «الفاصولياء» الخضراء إلى 4 آلاف بعدما كان ما بين 1500 – 2000 ليرة سورية، بينما كان الكيلوغرام من «البندورة» ما بين 400 – 500 ليرة سورية، ويبلغ حاليا 800 ليرة، والخيار كان ما بين 400 – 600 ليرة على حين يصل حاليا إلى ألف ليرة. وعلى حين كان الكيلوغرام الواحد من المشمش خلال فترة الحملات الانتخابية ما بين 1500 – 2000 ليرة سورية، حلق حاليا إلى ما بين 4000 – 5000 بينما يصل سعر الدراق حاليا إلى 5000 آلاف بعدما كان بنحو 2000. وفي ظل هذه الحالة، تشهد معظم أسواق العاصمة دمشق قلة في المعروضات من خضراوات وفاكهة ومعظمها من النوع الوسط والسيئ، بينما تراجعت حركة الشراء من قبل المواطنين إلى حد كبير. وانسحب الأمر أيضا على الأفران التي عادت إليها حاليا مظاهر الازدحام الكبير واستفحلت عمليات بيع الخبز على الأرصفة بكثافة وبأسعار للحزمة الواحدة (فيها 7 أرغفة) تصل إلى ألف ليرة (عشرة أضعاف السعر الحكومي)، بعدما شهدت الأفران خلال فترة الحملات الانتخابية شيئا من التنظيم وجرى ملاحقة باعة الأرصفة، حيث انخفض حينها سعر الربطة على الرصيف إلى ما بين 500 – 600 ليرة. ويعيش أكثر من 90 في المائة من المقيمين داخل مناطق سيطرة النظام تحت خط الفقر، وتزداد مشكلة الجوع يوماً بعد آخر، مع تواصل فقدان مداخيل العائلات الشهرية جزءاً كبيراً من قيمتها، بسبب الانهيار القياسي لسعر صرف الليرة أمام الدولار والذي يسجل حالياً ما بين 3100 – 3200 بعدما كان ما بين 45 – 50 ليرة في عام 2010. وباتت أغلبية المواطنين في مناطق سيطرة النظام تعيش أوضاعاً معيشية مزرية للغاية بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار، خصوصاً المواد الغذائية، حيث ارتفعت أكثر 40 مرة، بينما لا يتعدى متوسط الراتب الشهري لموظفي القطاع العام 20 دولاراً، ولموظفي القطاع الخاص 50 دولاراً، بعدما كان راتب الموظف الحكومي قبل سنوات الحرب نحو 600 دولار. ويؤكد خبراء اقتصاديون أن العائلة المكونة من خمسة أفراد في ظل هذه الأوضاع تحتاج إلى مليون ليرة لتعيش بشكل متوسط.