سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
منذ فترة قصيرة كانت إحدى النقاط التابعة لفصيل مغاوير الثورة” في منطقة “حوش مطرود” المجاورة لقاعدة “التنف” تعرضت منتصف شهر أيار الماضي، لهجوم من قبل طائرات حربية روسية، بعد إبلاغ الروس للأميركيين بموعد الهجوم قبل وقوعه.
ولكن مع تطور الأوضاع في المنطقة، وخاصة بتواجد الميليشيات الإيرانية التي تحاول تحويل المنطقة لمعابر لتهريب المخدرات، وظهور بعض العناصر الإرهابية البعيدة نسبيا عن الحدود الأردنية ومنطقة الـ ٥٥، تبقى كل الاحتمالات مفتوحة للتصعيد وحسم بعض الملفات خلال المرحلة القادمة.
فالتصرفات الروسية التي وصفها مراقبون بـ“الاستفزازية“، قد تؤدي إلى خلق توتر بين روسيا وأميركا في الملف السوري، في وقت يشهد فيه الملف هدوء نسبيا بين الجانبين، تزامنا مع توترات في ملفات عدة ليس آخرها، ملف الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية.
وزارة الدفاع الأميركية، أكدت أن القوات الروسية شنت هجوما هو الثاني من نوعه خلال شهرين، قرب قاعدة “التنف” الأميركية، وهو الهجوم الذي اعترفت به موسكو.
وقال متحدث باسم القيادة المركزية الأميركية لمجلة “نيوزويك“، الخميس، إن: “القيادة المركزية الأميركية على علم بالضربة، لكن ليس لديها معلومات للتزويد بها بشأن هذا“.
من جانبها، اعترفت وزارة الدفاع الروسية بالهجوم، وقالت إنها استهدفت “لواء شهداء القريتين“، التي كانت تتمركز في منطقة التنف ويتم تزويدها وتدريبها من قبل مدربين من قوات العمليات الخاصة التابعة للجيش الأميركي.
الاستفزازات الروسية، تأتي في إطار المواجهة غير المباشرة بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، حيث تسعى موسكو إلى توجيه رسائل إلى واشنطن، ردا على العقوبات الاقتصادية والمواجهات السياسية الناتجة بالدرجة الأولى عن غزو أوكرانيا.
فالتلويح بتهديد غير مباشرة هي بأوجها الآن، صحيح أنها خاملة نوعا ما في سوريا، لكنها مشتعلة في أوكرانيا، إضافة لأكثر من موضوع، الأمني والعسكري والسياسي والاقتصادي والعقوبات.
وهذه الاستهدافات الروسية من شأنها رفع وتيرة التصعيد في سوريا، لكنه يستبعد في الوقت ذاته أن يقوم أي طرف من الأطراف في الدخول في مواجهات مباشرة، خلال المرحلة الراهنة.
والتطورات الأخيرة تدفع للتساؤل حول طبيعة الدور الروسي هناك لا سيما وأن الجنرال مايكل إريك كوريلا، الذي تولى رئاسة القيادة المركزية الأميركية في أواخر حزيران الفائت، صرح في وقت سابق عقب إحدى الهجمات الروسية، بأن روسيا تضغط في تلك المنطقة من أجل إعادة رسم بعض الخطوط الحمراء، مشيرا إلى أن “آخر شيء تريد واشنطن القيام به حاليا، هو بدء نزاع مع روسيا“. إلا أنه أكد أن قوات بلاده ستدافع عن نفسها. ولن تتردد في الرد“.
والقوات الروسية كانت قد نفذت عمليات مشابهة قبل نحو شهرين، عندما استهدفت مقرات لفصيل “مغاوير الثورة”، المعارض المدعوم من واشنطن في منطقة الـ ٥٥ التابعة للقاعدة.
ومنطقة الـ ٥٥ كم، وخاصة قاعدة “التنف“، تشكل هاجسا مخيفا للروس، إذ يعتقدون أنها قاعدة دائمة، ولن تخرج منها قوات “التحالف الدولي“، كما أنها ستكون منطلقا لمخططات في المستقبل، لذلك يحاول الروس في كل مرة اتهام الأميركيين بعدم مشروعية تواجدهم في المنطقة، وأن الحق بالتحرك والتصرف فيها للنظام ، وحلفاؤه الروس والإيرانيين.
والقوات الأميركية في منطقة الـ ٥٥، لم تتخذ أي خطوة استفزازية في تلك المنطقة منذ العام ٢٠١٨، لكنهم يؤكدون دائما على حقهم بالدفاع عن أنفسهم، مشيرا إلى عدم إمكانية حدوث تصادم عسكري مباشر بين الولايات المتحدة، وروسيا في المنطقة، وأن أي صدام سيحدث فسيكون بين وكلاء الطرفين، أي “مغاوير الثورة” من جهة، والقوات السورية من جهة أخرى.