دولي – مروان مجيد الشيخ عيسى
وكالة الأنباء التركية الرسمية “الأناضول” عادت بعد نشرها لتصريحات جاويش أوغلو لتصحح كلمة واحدة في تصريحاتها، فغيّرت المصالحة إلى اتفاق، لكن فعليا فإن هذا التصحيح لا يغير من المعنى شيء، فقد عكست تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، طبيعة الموقف التركي الحالي تجاه الملف السوري، وتأثير تجاذبات كسب الرأي العام التركي بين حكومة العدالة التنمية وأحزاب المعارضة قبل بداية الانتخابات العامة في تركيا، الصيف المقبل.
وتشير المتغيرات إلى أن هذا الموقف التركي قد يتحول إلى سياسة جديدة لأنقرة تجاه النظام ، تنسى فيها الحكومة التركية كل الخطوط الحمراء التي وضعتها أمام النظام السوري بعد اندلاع الحراك الشعبي، والاتجاه نحو إلغاء سياسة العداء للنظام ، وقد يكون إعلان التقارب بين الطرفين أقرب من أي وقت مضى.
فالسياسة التركية الخارجية تجاه الملف السوري تجاوزت كل المبادئ التي أعلنت عنها منذ وقوف أنقرة إلى جانب المعارضة السورية المناوئة للنظام ، إلا أن “لعبة الانتخابات” وضغط الاقتصاد وحتى على ما يبدو فشل السياسة الخارجية لأنقرة في عدة ملفات منها السوري، سيدفع الحكومة التركية الحالية إلى صياغة سياسة جديدة خاصة بالملف السوري قد نشهد فيها تبديلا كبيرا في المواقف التي كانت انتهجتها أنقرة ضد النظام السوري خلال السنوات الماضية.
جاويش أوغلو، كشف الخميس، أنه أجرى محادثة قصيرة مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، على هامش اجتماع “حركة عدم الانحياز”، الذي عقد في تشرين الأول الماضي، بالعاصمة الصربية بلغراد.
وقال الوزير التركي حول ذلك: “أجريت محادثة قصيرة مع وزير الخارجية السوري في اجتماع دول عدم الانحياز ببلغراد”.
فيما شدد جاويش أوغلو، على ضرورة وجوب تحقيق مصالحة بين “المعارضة السورية” وحكومة دمشق في سوريا بطريقة ما، مبينا أنه لن يكون هناك سلام دائم دون تحقيق ذلك.
فليس جديدا الحديث التركي عن وجود اتصالات مع النظام السوري ، لكن خلال الفترة الماضية كان هذا الحديث يقتصر على التواصل الاستخباراتي، ولكن بعد قمة سوتشي الأخيرة بين الرئيسي فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، برز تطور آخر بناء على اقتراح بوتين يعتلق بتعاون تركي سوري حول مكافحة الإرهاب، ولكن ما كان مفاجئا هي تصريحات وزير الخارجية التركي، جاويش أوغلو، مساء
الخميس حول لقائه بوزير خارجية النظام في بلغراد، وأهمية التوصل لتوافق أو مصالحة بين النظام والمعارضة السورية، ما يشكل انقلابا كليا في الموقف التركي من الأزمة السورية.
فتصريحات وزير الخارجية جاويش أوغلو يوم الخميس، هي انقلاب شامل في الموقف التركي بعد أيام قليلة من كشف صحيفة “تركيا” المعروفة بقربها من الحكومة قبل يومين، أنه صار بإمكان أردوغان والأسد التحدث عبر الهاتف بعد تهيئة الظروف المناسبة لذلك.
ويمكن وصف التصريحات التركية التي جاءت متدرجة بالإستدارة الكبرى في مسار العلاقات التركية السورية المتوترة منذ الثورة السورية في مارس 2011”.
وحول توقيت تصريحات الوزير التركي، فاللافت في توقيت تصريح الوزير التركي، أنها جاءت بعد أسابيع قليلة من قمة طهران التي جمعت زعماء إيران وروسيا وتركيا تحت مظلة “مجموعة أستانة” والتي بحثت الملفات المتعلقة بالأزمة في سوريا، والأهم أيضا أنها جاءت بعد أيام من قمة سوتشي التي جمعت بوتين مع أردوغان، والتي طرحت تساؤلات حول ما إذا كانت تشير إلى تفاهمات جرى التوصل إليها خلال القمة.
ولعل التصريحات الجديدة هي مؤشرات على أن تركيا تقوم بإعادة تقييم لموقفها إزاء الملف السوري بما في ذلك العلاقة مع النظام ، وذلك قبل أشهر قليلة من موعد الإنتخابات المصيرية في تركيا.
فموقف تركيا نوع من أنواع الاستدارة في السياسة الخارجية التركية بشكل عام، والملف السوري جزء من هذه السياسة لأنه مرتبط بأجندات كبيرة مع روسيا وإيران، وهناك خيارات محددة للحل، فإما التصادم واستمرار الحرب أو الجمود كما هو الحال في مسار “أستانا”، أو كما قال الوزير أوغلو، أنه لا بد من إيجاد صيغة توافق أو مصالحة بين المعارضة السورية و النظام السوري والتوصل لسلام دائم، وبعد ذلك يتم حل كل الأمور الباقية كالدستور والانتخابات .