تعيين سفير جديد لإيران لدى النظام السوري

سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى

سعت إيران دائما إلى تعزيز تموضعها في بنى النظام السوري وشبكاته بما يتيح لها التأثير في مركز القرار السوري سياسياً وعسكرياً، ولجأت إلى سياسات الاحتواء ثمّ التكيف من خلال العمل على تناقضات القوى والمصالح الدولية لتفادي الضغوط الدولية والإقليمية.

قالت وكالة أنباء النظام السوري، إن وزير خارجيّة النّظام فيصل المقداد تسلم نسخة من أوراق اعتماد السفير الإيراني الجديد حسين أكبري، يوم السبت.

وأضافت الوكالة أن “المقداد عبر عن ارتياحه للسفير أكبري للمستوى العالي من التّنسيق بين كل من النّظام السوري وإيران في كافة المجالات”.

ويأتي تعيين أكبري خلفاً لمهدي سبحاني، الذي عيّن في أيّار 2021 سفيراً إيرانيّا لدى النّظام السوري بطلب من وزير خارجية إيران وممثلها السابق لدى الأمم المتحدة جواد ظريف، بموافقة من الرئيس السابق حسن روحاني.

ولفت الصحافي السّوري المختص بالشأن الإيراني مصطفى النعيمي إلى أن تعيين أكبري يأتي ضمن مرحلة جديدة من المتغيّرات الدولية التي تمس الشأن السوري، أبرزها، الانتقال من مواجهة إيران إلى احتوائها في المنطقة العربيّة، من خلال الاتفاقيّة مع السعودية برعاية بكّين.

وقال النعيمي، إن التّعيين يأتي أيضا في سياق تغير تكتيك تموضع إيران في سورية من “المليشياوي” إلى العسكري.

وأضاف أن انتداب السفراء يبنى على أهمية إدارة مشروع التموضع، “نظرا للخبرة الكبيرة التي يمتلكها أكبري كمتخصص في ملفات الشرق الأوسط”.

فهذا التموضع الجديد سيكون له تداعيات كبيرة على سورية في هذه المرحلة نظراً لاستمرار التحرك الدولي والإسرائيلي بضرب القوّة الإيرانيّة في سوريّة، في حين تسعى إيران وفقا للمتغيرات لإيجاد موطئ قدم في ملف إعادة إعمار سورية.

فإيران باتت تهيمن بشكل شبه كامل على القرار السوري، وتسعى لإخراج سورية من عزلتها وأزمتها المركبة”، من خلال استثمار اتفاقية بكّين وتوظيف هذا المتغير لإعادة الإعمار، وتحفيز شركات الإعمار الإيرانية للاستثمار في هذا الملف.

ووفقا لوكالة إيرانية، فإن أكبري وصل إلى دمشق في 11 نيسان الجاري وتوجه فور وصوله إلى “مرقد السيّدة رقية” في حي العمارة بالعاصمة دمشق، ليشارك في “ذكرى استشهاد الإمام علي، وفق الوكالة.

وشغل أكبري منصب السفير الإيراني في ليبيا، ومساعد رئيس منظمة الحج والزيارة الإيرانيّة، ورئيس “مركز نور للدّراسات الاستراتيجيّة”، والقائم بأعمال الأمين العام لمجمع الصحوة الإسلامية العالمي.

ومع تحول الصراع في سوريا، وانتقاله لمستويات متعددة تتداخل فيها الأدوار المحلية والإقليمية والدولية، شهدت السياسة الإيرانية عدة مقاربات سواء فيما يتعلق بالتعريف الإيراني لما يحصل في سوريا أو فيما يرتبط بحجم الدعم والمساندة والتدخل ومستوياته وما يرتبط به من استثمارات.

كما انطلقت تحالفات طهران السياسية والعسكرية والأمنية في المشهد السوري من عدة ضرورات تكتيكية واستراتيجية، دفعتها باتجاه تطويع هذه التحالفات لتغيير حجم وشكل التموضع الإيراني الذي أضحى تموضعاً نوعياً في بنى الدولة ومؤسساتها لا سيما في مؤسسة الجيش والأمن؛ هذا التموضع أضحى في مرحلته الراهنة مطلباً وهدفاً مشتركاً للعديد من الفواعل الإقليمية والدولية التي تطالب بخروج إيران من المشهد السوري، وبالمقابل يدلل هذا التموضع على امتلاكه القدرة والتأثير في معادلات حل الأزمة السورية ومستقبل سوريا والإقليم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.