سوريا – مروان مجيد الشيخ عيسى
مع قرب بدء العام الدراسي الجديد في سوريا فقد أصبحت العملية التعليمية والتدريسية مصدر قلق مستمر للأهالي، بالنظر إلى الكلف المتزايدة المرهقة مع بدء كل موسم دراسي جديد.
فانحراف منظومة التعليم الخاصة في سوريا، والمكونة من معاهد ومدارس وجامعات، بعد أن كانت رديفا للتعليم النظامي، إذ تحولت إلى تجارة أكثر رواجا وربحا من غيرها، ونمت وازدهرت مؤخرا تحت ضرورات الشراكة والاشتغال على ماضي وتاريخ عريق لمدارس أهلية، لكن دخول بعضها بل جلها في عملية الكسب والربح لا أكثر أثر سلبا على هذه المنظومة، والدليل أن العدد الأكبر من المتفوقين والحاصلين على المجموع العام على مستوى المناطق وعلى مستوى القطر هم من المدارس الخاصة ، ما يؤكد أن التعليم النظامي سجل فشلا ذريعا .
فالتعليم الخاص، دخل مرحلة متقدمة من الاستغلال والممارسات التي تضرّ بسمعة ومكانة وقيمة المُعلّم والذي بات سلعة ضمن بورصة المدارس والمعاهد الخاصة المرخصة وغير المرخصة لترغيب الأهالي والطلاب من كافة المراحل الدراسية، مقابل مبالغ مالية وتسعيرة شهدت خلال هذه الفترة التحضيرية لشهادتي الثانوي والتعليم الأساسي ارتفاعا كبيرا وبصورة غير مألوفة فاقت قدرة الأهالي على التحمل في ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة، إذ تجاوز رسم التسجيل في إحدى المدارس الخاصة للموسم الدراسي الجديد مبلغ ٣ ملايين ليرة، وهو ما ينسحب على المعاهد المتخصصة بالدورات التعليمية.
فهناك تواطؤ بعض الإدارات والمدرّسين ببيع الجلاءات المدرسية ووثائق التسجيل الدراسية وغيرها من الأمور المتعلقة بالمسألة التعليمية، والتي تخضع لرسوم مالية عالية تُضاف في المحصلة إلى المبالغ التي تتقاضاها المدارس والمعاهد الخاصة من الطلاب والأهالي.
ارتفاع قسط التعليم في المدارس الخاصة في عدد من المدارس الخاصة من ٢ إلى ٥ ملايين ليرة وسطيا، وقسط رياض الأطفال، من ٦٠٠ ألف إلى أكثر من ١.٥ مليون ليرة.
ومع قرار وزارة التربية توزيع الأقساط وفق النقاط للمدارس، ورياض الأطفال الخاصة، أصبح الناس يدخلون في دوامة الأسعار غير المفهومة، واختيار المدرسة وفق السمعة وعلى التجريب، والكثير من الطلاب تحولوا من المدارس الخاصة إلى المدارس النظامية.
ولا تختلف الجامعات الخاصة من الناحية المادية عن المدارس الخاصة، إذ نقل تقرير سابق عن معاون وزير التعليم العالي الدكتور عبد اللطيف هنانو، في وقت سابق أن هناك إمكانية لرفع أقساط الجامعات مع بداية العام الدراسي الجديد، حيث تتقدم لجنة الجامعات الخاصة بمقترح لتعديل الأقساط ويقر من قبل مجلس التعليم العالي، أما الخدمات التي تقدمها الجامعات فالوزارة هي جهة مراقبة لها فقط، منوها إلى أن الرفع يكون للحفاظ على جودة التعليم والخدمات التي تقدمها هذه الجامعات وتعويض ما تتحمله من تكاليف.
ففي نظام التسجيل في الجامعات الخاصة، وإمكانية زيادة الرسوم، فأنه يُسمح للجامعات السورية الخاصة برفع الرسوم المفروضة على الطلاب “الجدد” لمواجهة التضخم جزئيا، ولكن بمجرد تسجيل الطالب، لا يعود في الإمكان زيادة الرسوم في السنوات التالية.
ومن جهة ثانية، وفيما يتعلق بالكتب المدرسية في المرحلة الثانوية، والتي تعتبر مجانية، فقد رفعت المؤسسة العامة للطباعة في سوريا، أسعار الكتب المدرسية لمرحلة التعليم الثانوي والمهني، إذ فاقت أسعار الكتب نصف الحد الأدنى لرواتب للموظفين تقدر بنحو ١٠٠ ألف ليرة سورية.
وبررت المؤسسة هذا الارتفاع، بأنه ناتج عن قلة المحروقات وانقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة خلال اليوم، ما دفع أصحاب المطابع لشراء المازوت من السوق الحر، فضلا عن قلة الورق والكرتون اللازم لإنتاج الكتاب المدرسي، إضافة إلى ارتفاع أجور النقل والطباعة.
وأعداد المقبولين في مفاضلات الدراسات العليا في الجامعات السورية، تشهد نقصا ملحوظا، حتى وصل العدد إلى ٥ طلاب لكل تخصص في الماجستير كحد أقصى، بسبب النقص في عدد الأساتذة وأعضاء الهيئة التدريسية، والظروف التي خلقتها الأزمة والإمكانيات والبنى التحتية في الجامعات وفي كل قسم في الكلية المعنية، حسب وزارة التعليم العالي.
فالكثير من الشكاوى الطلابية التي وصلت إلى وزارة التعليم العالي، طالبت بالتدقيق في نسبة الـ ٣٠ بالمئة المخصصة في كل مفاضلة للجامعات الخاصة والتعليم المفتوح، وخريجي الجامعة الافتراضية، وسط انتقادات طالت عددا من الجامعات تؤكد أن التفاضل تم حسب المعدل، وهو ما يشكل مخالفة لقرار التعليم العالي رقم ٤٨ لعام ٢٠٢٠، الذي نص على أن التفاضل ضمن هذه الشريحة يكون نسبة وتناسباً حسب أعداد المتقدمين من كل شريحة.
فنظام التعليم العالي في سوريا بات في مستويات منخفضة، إذ تكافح الجامعات السورية من أجل البقاء، بحسب أكاديميين وخبراء تعليم سوريين